سعيد العجل
بدأت أصوات العديد من المواطنين ترتفع، مبدية انزعاجها من تواصل الإضرابات في العديد من القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم والعدل والبريد. كما أبدت أوساط اقتصادية
تبرمها من انتقال عدوى الإضرابات إلى قطاع المحافظات العقارية والمالية ومديريات الضرائب، بسبب تعثر ملفات بعض المستثمرين.
وكان لهذه الإضرابات تأثير على قطاعات أخرى، فالإضرابات المتتالية في قطاع العدل، التي تجاوزت بعض الخطوط الحمراء -حيث من المنتظر أن تشهد العديد من محاكم المملكة، ابتداء من اليوم، اعتصاما لموظفي قطاع العدل، دعت إليه النقابة الديمقراطية للعدل- ساهمت في موجة غضب في صفوف المحامين، الذين عجزوا عن تدبير ملفات المتقاضين. وتهدد الإضرابات بقطاع التعليم المدرسي والتعليم العالي الموسم الدراسي، مما أربك الوزارة في تدبير جدول الامتحانات، وساهم في إرباك برنامج العطلة للجميع، الذي تنظمه وزارة الشباب والرياضة بعد تمديد الدراسة لمدة أسبوع.
جميع القطاعات التي أعلنت عن هذه الحركات الاحتجاجية دعت الوزير الأول إلى تحمل مسؤولياته، بصفته المشرف على تدبير ملف الحوار الاجتماعي مع النقابات، فيما التزم الوزير الأول الصمت إزاء ما تشهده هذه القطاعات من إضرابات، تتحول أحيانا إلى عنف، مما ساهم في تضرر صورة المغرب بالخارج.
عبد الحميد الفاتحي، عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، قال في اتصال هاتفي مع «المساء»: «أظن أن السبب الاستثنائي في ارتفاع المطالب الاجتماعية هو المرحلة السياسية والاجتماعية التي تمر منها بلادنا إسوة بالبلدان العربية»، مشيرا إلى أن هناك إحساسا بأن الظرفية السياسية ساهمت في انفجار المطالب الاجتماعية، كما أن هناك جرأة لطرح المطالب كانت مغيبة في السابق ولم تتجاوب معها الحكومة.
وأكد الفاتحي أن «المواطن اليوم أصبح منزعجا من هذه الإضرابات. وباستثناء النقابة الديمقراطية للعدل، التي تخوض إضرابات قبل انطلاق حركة 20 فبراير بالمغرب، فإن بعض القطاعات تحركت بالموازاة مع الحراك الاجتماعي، الذي يعرفه المغرب»، مؤكدا على أن «هناك تجاوزا للحدود المعقولة في تدبير الملفات الاجتماعية، وأصبح هناك نوع من الضغط المتبادل».
وأوضح الفاتحي أنه كان على الحكومة أن تتعامل بشكل أكثر حزما، لكن تخوفها من أن تتطور هذه الأشكال الاحتجاجية إلى أشكال أكثر حدة ساهم في تذبذب موقفها. وكان على الحكومة أن تفتح ملفات القطاعات الاجتماعية المتضررة مع المركزيات النقابية، التي لها معها اتفاقيات يجب الوفاء والالتزام بها، وأن يتحمل الوزير الأول مسؤولياته ويفتح حوارا مع المركزيات النقابية، يضيف الفاتحي.
واعتبرت خديجة غامري، عن المركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل، أن ارتفاع الإضرابات وتوقف العديد من القطاعات الاجتماعية يرجعان إلى عدم فتح الحكومة حوارات ومفاوضات مع القطاعات المتضررة، مما يؤشر، في نظرها، على غياب إرادة سياسية لحل هذه المشاكل، مضيفة أن الموظفين والمستخدمين يجدون أن الطريقة الوحيدة لإيصال أصواتهم هي تنفيذ هذه الأشكال الاحتجاجية، علما، توضح غامري، أن «الإضراب لدى الاتحاد المغربي للشغل هو أبغض الحلال».