إن الهيئات والمنظمات والجمعيات المشاركة في "الملتقى الوطني لمنظومة العدالة"، والموقعة على هذا البيان، ومن موقع مسؤوليتها تجاه الوطن ومؤسساته، وتجاه الشعب المغربي وتطلعاته، وتجاه التاريخ ومستلزماته، ومن موقع التزاماتها المهنية والتمثيلية، ومن منطلق القناعة بثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقها كهيئات فاعلة في مجال حيوي وحساس، هو مجال العدالة من جهة، وفي مرحلة تأسيسية استثنائية عنوانها الإصلاح القضائي ومخاضه العسير من جهة ثانية، لتعتبر أن تأسيسها لـ "الملتقى الوطني لمنظومة العدالة" والذي انعقد لقاؤه التأسيسي بمدينة الدار البيضاء بتاريخ 24 ماي 2014، إنما هو تجسيد لانخراطها الفعلي والبناء في صيرورة التأسيس لمشروع إصلاح حقيقي لمنظومة العدالة ببلادنا.
إن الهيئات المؤسسة الممثلة لمختلف المهن القضائية المجتمعة في لقائها التأسيسي هذا تعتبر أن دستور 2011 قد فتح أفاقا رحبة وواعدة أمام إصلاح عميق وشامل للقضاء بالمغرب من خلال الرقي به إلى سلطة كرس النص الدستوري استقلاليتها، وجسد تلك الاستقلالية مؤسساتيا في مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأيضا من خلال وضعه لإطار متقدم لمستقبل علاقة القضاء بالمواطن يقوم على احترام حقوق المتقاضين وضمان مجموعة من مبادئ وشروط المحاكمة العادلة، وإذ تجد أن هذا الالتزام الدستوري بالتأسيس لقضاء مستقل ونزيه وفعال، مدعوم بإرادة ملكية قوية في الإصلاح يشكل فرصة تاريخية لتطوير وجه العدالة ببلادنا بشكل يجعل من القضاء دعامة من دعائم دولة الحق والقانون، وحماية الحقوق والحريات، ورافعة من روافع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن شأنه أن يعيد ثقة المواطنين في المرفق القضائي عبر التصدي لاختلالاته المزمنة والمتمثلة في التأثير على استقلاليته وبطء المساطر والمس بشروط المحاكمة العادلة، وهي فرصة لا ينبغي إهدارها بأي حال من الأحوال.
وإذ تعي الهيئات المؤسسة والمنظمة لـ "الملتقى الوطني لمنظومة العدالة" جيدا أن إصلاح القضاء هو ورش مجتمعي حيوي كبير، تتقاطع عنده كل الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والحقوقية وغيرها، فضلا عن كونه ضرورة استعجالية ملحة، تفرضها أيضا التزامات المغرب الخارجية تجاه المنتظم الدولي وفعالياته الحقوقية وأيضا تجاه الشركاء الاقتصاديين والسياسيين ، فإنها تقرر تأسيس وبناء هذا الملتقى ورشا للعمل من أجل الإسهام في تنزيل المقتضيات الدستورية بشأن السلطة القضائية المستقلة استقلالا فعليا وحقيقيا، وفضاء للتواصل والتشاور والتنسيق وتبادل الخبرات والمعارف، وإطارا لحل المشاكل الطارئة ومواجهة إكراهات العمل اليومي والمشترك داخل منظومة العدالة، وميدانا للعمل في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة بما يخدم العدالة، ويدعم ضمانات الاستقلال والنزاهة والنجاعة التي تعتبر من دعاماتها الأساسية.
ومن هذا المنبر اليوم يطلق مهنيو العدالة نداء لكل القوى الحية بالمجتمع من أجل المشاركة الفعلية في تحقيق حلم إصلاح منظومة العدالة المنشود وتيسير فرص إنجازه.
إن مهنيي العدالة، وهم يصرون اليوم على الأخذ بزمام المبادرة لتدارك ما أهدر من زمن الإصلاح، يؤكدون أن نجاح هذا الورش رهين بتوفر شرطين جوهريين: أولهما حصول توافقات مجتمعية كبرى حول خطة الإصلاح وعناوينه، وثانيهما إشراك وتعبئة حقيقيين لكل الفاعلين المهنيين ولجميع مكونات أسرة العدالة بما يضمن احترام استقلالية القضاء ورفع يد وزارة العدل عن رقاب نساء ورجال القضاء، واحترام استقلالية مهنة المحاماة وحريتها، وتأهيل مهنة المفوضين القضائيين، والاستجابة الفورية لمطالب تأهيلها، مع تأهيل هيئة كتابة الضبط وإعادة النظر في اختصاصاتها وتدبيرها الإداري، والنهوض بمهنة التوثيق العصري، وتطوير الإطار القانوني للعدول والخبراء، وتوفير الحماية والأمن المهني للجميع، وحماية مكتسبات مختلف المهن القضائية، وضمان تكوينها الأساسي والمستمر، وتحفيزها للانخراط الواعي والحماسي في مشروع الإصلاح المنشود.
وحرر بالدار البيضاء في 24 ماي 2014
الهيئات المؤسسة: الودادية الحسنية للقضاة، نادي قضاة المغرب ،الهيئة الوطنية للموثقين، الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، الهيئة الوطنية للعدول ، جمعية هيئات المحامين بالمغرب، النقابة الديمقراطية للعدلّ، ودادية موظفي العدل،