في أسباب نزول الورقة:
في تقديم الورقة وورقة مساهمة في النقاش حول مشروع أرضية الديمقراطيون الوحدويون التي تعتبر الإطار التوضيحي للأولى، وبعد إزالة بعض اللغة الأدبية والسياسية المرافقة للأوراق، يبقى مشكل مركزي تحاول الورقة مناقشته والجواب عليه، دون الجرأة على التعبير عن موقفها منه خشية دوران عقارب الساعة في اتجاه آخر.
الامر يتعلق بوضعية الكاتب الوطني للنقابة والذي حاولت التطرق اليه بشكل واضح في بعض الاحيان وبشكل محتشم مرة أخرى.
تقول الورقتان: "إننا إذا سنجد أنفسنا داخل النقابة الديمقراطية للعدل تحت رحمة قيادة بيروقراطية والتي بدأت تؤسس لآليات التحكم ولهيمنتها الفكرية والتنظيمية مستفيدة من طبيعة شخصية الكاتب العام السمحة والذي ظل يحافظ على التوازنات داخل النقابة الشيء الذي سينعدم في حالة عدم انتخابه أو اعتزاله خلال المؤتمر الوطني الرابع".
ثم: "... بالإضافة إلى وضعية مستخدمي إدارة الأعمال الاجتماعية والذين أصبحوا ضمن مكونات النقابة اثر التعديلات التي عرفها القانون الأساسي خلال المؤتمر الثاني والذين أسسوا لهم نقابات مستقلة، أسئلة يجب التفكير فيها والإجابة العلمية عليها قبل وخلال المؤتمر ..." .
فالقول ب " في حالة عدم انتخابه أو اعتزاله" أو "الذين أسسوا لهم نقابات مستقلة"، تجمع موقفين متناقضين بين الأول الذي يترك الحرية للكاتب الوطني بتقديم أو عدم تقديم ترشيحه، كما يعطي للقواعد حق انتخابه أو عدم انتخابه، فيما الثاني يلمح الى ضرورة ترك الكاتب الوطني للنقابة الحالية ما دامت هناك نقابات مستقلة لمستخدمي إدارة الأعمال الاجتماعية.
ان القولان ورغم الاختلاف السطحي الموجود بينهما، فهما يتفقان في التلميح للكاتب الوطني بضرورة المغادرة، كما يستبق أي تعديل للقانون الأساسي للنقابة يتم بموجبه تجديد الثقة في الكاتب الوطني.
ف"الديمقراطيون"، الذين يبنون مشروعا ديمقراطيا، يجب ان يكون الوضوح أساسه وهو تطبيق القانون الأساسي للنقابة، وثقافة النقابة الجديدة التي أسست على منع مكوث الديناصورات في القيادة كما يحلو لهم القول.
وقد تعدى الأمر ذلك الى الحديث عن الأحزاب السياسية والخوف منها "...حيث أصبحت تؤطرها تحالفات للوبيات غير معلن عنها والتي هيمنت خلال السنتين الأخيرتين على التوجه العام للنقابة، دون أن نغفل بروز بوادر تأسيس لحلقة ذات ارتباط بالوافد الجديد على الساحة السياسية (البام....)، و تفاديا للتصدع وإزالة كل أسباب بروز التعددية الزائفة وليدة التجاذبات السياسية الفجة للأحزاب السياسية البيروقراطية".
ان هاته النقطة لا يمكن أن تناقش بمعزل عن النقطة الأولى، والتي جعلت من وجود الكاتب الوطني الحالي صمام أمان للنقابة في مرحلة معينة، ونقطة تحول مفصلي ستشهده النقابة مستقبلا.
والمشكل الخطير الذي تقفز عليه الورقة أو تحاول تجاهله ليس في ذيلية النقابة للحزب والذي يبقى حاضرا تأسيسا، تطورا، وفي الوقت الراهن، بل في خصوصية كل مرحلة مرحلة في علاقة النقابة بالحزب، والتي اتخذت مسافة بعيدة في التأسيس وأخذت شكل الصدام في العلن والتنسيق في السر لأنها كانت الطريقة الوحيدة الممكنة لتأسيس النقابة بحكم وجود نقابة أخرى لم تكن لها جرأة تفجير معارك كبرى لقراءات وحسابات معينة ليس أقلها حداثة العمل النقابي بالقطاع واستنفار أجهزة الدولة لما تعتبره عملا نقابيا في قطاع سيادة ودار مخزن، وهذه الثنائية صدام-تنسيق هي التي أنتجت لنا بالقطاع النظام الأساسي لسنة 2008 رغم تنكر المتنكرين لقانون أمضوا عليه ولازالت الوثائق وأرشيف النقابة وموقعها الالكتروني، وسبوراتها النقابية رغم محاولة إخفاء الأثر، شاهدين على ذلك، ثم اتخذت صورة الاستخدام المباشر للنقابة من طرف الحزب بعد انتكاسة الحزب الانتخابية وتدخل المخزن في صناعة قيادة يتساءل الجميع عن أحقيتها وقدرتها على قيادة سفينة الاتحاد.
كما ان الصراع الذي يعرفه الحزب، والمركزية النقابية أرخيا بظلالهما على واقع النقابة وجعلاها مفتوحة على الاحتمالات والتوجهات بما فيها ما أشارت إليه الورقة من بروز بوادر تأسيس لحلقة ذات ارتباط بالوافد الجديد على الساحة السياسية (البام..)، والذي لم يبق كذلك على مستوى لغة الحزب والمركزية وإنما تيارات معينة داخله لازالت تعتبره وافد جديدا في الوقت الذي يتم التنسيق معه.
ان اشتغال الأحزاب داخل النقابة واقع ملموس، وتجسد بعد خروج أتباع بنكيران قبيل تسخينات الحزب للولوج الى الحكومة الشكلي، كما تشتغل أطراف أخرى لكن وضعها لا يسمح لها بالتعبير عن نفسها حفاظا على قوة النقابة التي تتيح ما تتيح لها من امكانيات وقوة تفاوضية سواء بالنقابة أو الودادية.
يتبع