ويكيليكس: النظام القضائي المغربي في خدمة السياسة
الثلاثاء، 21 دجنبر 2010 17:39
نجيب شوقي
نشرت جريدة "إلباييس" في عددها يوم الثلاثاء مضمون قصاصات جديدة نشرها
موقع ويكيليكس صادرة عن السفارة الأميركية بالرباط تخص واقع العدالة
بالمغرب، ووضعية السجون، بعد لقاء للمسؤولين الأمريكيين بنشطاء حقوقيين
ومدنيين وقضاة مغاربة.
وأوردت "الباييس" وفقا لتقرير أمريكي "أن العدالة في المغرب ليست
مستقلة، والقضاة في كثير من الأحيان غير أكفاء، وبأن التوظيف السيئ للسلطة
الثالثة هو عقبة في طريق التنمية في البلد". وجاء في التقرير"أن
الاستخدام المنتظم للنظام القضائي لتحقيق أغراض سياسية يقوض أيضا جهود
تستحق الثناء لتعزيز الإصلاح القضائي والشفافية".
ويفهم من القصاصة أن هذا التقرير أعد بعد مشاورات مع مختلف الشخصيات
والخبراء، بما في ذلك بعض القضاة والمدعين العامين، وأصدرته السفارة
الأمريكية في الرباط، في أواخر غشت من العام الماضي. ويورد موقع "لكم"
ملخصات لأهم ما نشرته الصحيفة الإسبانية نقلا عن موقع ويكيليكس.
تعليمات عبر الهاتف
عبد العزيز النويضي محام ومدافع عن حقوق الإنسان، لخص رأيا واسع
الانتشار قائلا "عندما يتعلق الأمر بالاستقلال السياسي للعدل فالنتيجة هي
الصفر. وعندما يتعلق الأمر بشيء متعلق باستقلال وسائل الإعلام فالنتيجة
تساوي الصفر. وفي حالات أخرى يكون هناك الهامش أكبر من ذلك بقليل لأن تكون
مستقلا، ولكن ليس كبيرا" كما جاء في كلامه في لقائه بالمسؤولين الأمريكيين
حسب التقرير الأمريكي.
ويمضي النويضي يروي ما حدث عندما كان في مكتب قاض، عندما تلقى هذا
الأخير مكالمة هاتفية من وزارة الداخلية. وقال القاضي للنويضي إن
التعليمات عبر الهاتف أصبحت واقعا ، فيرد القاضي على هاتف الداخلية،
"الحكم كان كما أردت" حسب نفس التقرير.
ويعلق الدبلوماسي الأمريكي على كلام النويضي بالقول: إن"هناك بلدان
تستخدم الجيش أو الأمن للسيطرة على السياسة، ولكن في المغرب ننتقل إلى
استعمال النظام القضائي" فهناك أمثلة عديدة تتحدث عن نفسها
استعمال القضاء في الإنتخابات
انتخب سعيد يابو في عام 2009، رئيسا لمجلس مقاطعة اليوسفية بالرباط،
فاز ضد مرشح من حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه فؤاد عالي الهمة، صديق
للملك محمد السادس. سعيد يابو من حزب الاستقلال الذي يتزعمه الوزير الأول.
على الفور بعد فوزه في التصويت "ألقي القبض عليه ، في انتهاك للإجراءات
القضائية، واتهم بتهمة الاحتيال". "وسرعان ما وجدوا انه مذنب، حكم عليه
بالسجن لمدة عامين نافذة، وخسر مكتب رئيس البلدية. ما حدث يوضح كيف يمكن
استخدام النظام القضائي لتحقيق أهداف سياسية"، كما يقول تقرير السفارة.
ويمضي التقرير يصف كيف تتدخل السلطة للتحكم في استقلالية القضاء، ويورد
كلاما ينسبه إلى أحد القضاة الذي يقول: "إذا أراد الوزير معاقبة قاض لكونه
مستقل جدا (...) يعينه في مكان غير مرغوب فيه، في مكان ما في الصحراء،
وعدم السماح له أن يرقى من خلال الرتب".
"قدرة وزير العدل على نقل القضاة يجعل من الصعب عليهم عدم تنفيذ
التعليمات، تعليمات بالجملة حتى أصبحت على وشك أن يتم اعتمادها كقانون"،
كما يعلق على ذلك الدبلوماسي الذي حرر التقرير.
ويضيف التقرير أنه ليست فقط وزارة العدل التي لها تأثير على القضاة
ولكن المجلس الأعلى أيضا، وفي حالة أخرى"إن كان لديك أصدقاء من القصر
الملكي"، كما يستشهد بذلك المحامي عبد العزيز النويضي. وهذه هي درجة
انحراف العدل "عندما لا يتلقى القضاة تعليمات واضحة بشأن قضية معينة،
فعادة ما يتصرفون وفق ما يعتقدون أنها تفضيلات الوزارة"، حسب قول المحامي
النويضي.
القضاء منصاع
المكناسي الفيلالي ، الفرع المغربي لمنظمة الشفافية الدولية ، يشدد على
أن "النزوع المتزايد نحو الفساد جعل القاضي منصاعا، ولا يشكو عندما يتلقى
تعليمات من فوق". ففي نهاية حياته المهنية يكون أجر القاضي أقل من 3050
أورو في الشهر، ولكن "هذا الراتب لا علاقة له مع أنماط الحياة الفخمة التي
يتمتع بها العديد من القضاة"كما يقول رئيس منظمة الشفافية الدولية
المكناسي الفيلالي، الذي أورد التقرير أقواله.
أما آخر مشاكل القضاء في المغرب فيحددها التقرير في عدم كفاءة القضاة
كآخر عقبة تعوق استقلالهم. ويورد التقرير شهادة قاض أمام دبلوماسيين
أمريكيين يقر بأن "عددا كبيرا من القضاة لا يعرفون جيدا بما فيه الكفاية
تطبيق القانون بشكل صحيح (...)". لذلك يعتمدون على توجيهات من وزارة العدل
بإعتبارها "ركيزة" للتعويض عن أوجه القصور لدى القضاة".