FOLA3 زائر
| موضوع: محمد الغلوسي*: الرشوة والفساد يتعمق في المغرب رغم المحاولات التشريعية الإثنين يناير 30, 2012 2:32 pm | |
| أجمعت كل الدراسات و التقارير التي أنجزت حول آفة الفساد أن هذا الأخير يشكل عائقا حقيقيا أمام أي تنمية أو تطور ديمقراطي، و أكدت على الصلة الوثيقة بين غياب التدبير الرشيد أو الديمقراطي و انتشار الفساد في دواليب الدولة و مؤسساتها و في كل شرايين المجتمع.
ذلك أن هناك ارتباطا وثيقا بين الحكامة و التنمية، فالحكامة هي الأسلوب التشاركي للحكم و في تدبير الشؤون العامة الذي يرتكـــــز على تعبئــة الفاعلين السياسيين و الاقتصاديين و الاجتماعيين، سواء من القطاع العام أو القطاع الخاص و كذلك من المجتمع المدني بهدف تحقيق العيش الكريم و المستدام لجميع المواطنين.
و في مقابل ذلك فإن الفساد يشكل إحدى أهم تجليات سوء الحكامة و التدبير و هو أمر يبعث على القلق و يسائل خطاب الإصلاح ببلادنا و يضعه أمام امتحان حقيقي. إن كل المؤشرات تؤكد بأن الرشوة و الفساد يتعمقان ببلادنا رغم المحاولات التشريعية الرامية بالخصوص إلى تحسين مناخ الأعمال و الاستثمار و تحديث التدبير العمومي، و وضع آليات رقابية لمكافحة الفساد و الرشوة، ذلك أن المغرب قد تم تصنيفه سنة 2010 وفق مؤشر ملامسة الرشوة في الرتبة 85 ضمن 178 دولة بتنقيط 3.4 على 10، و حسب مؤشر البارومتر العالمي فإن الفساد يوجد بحدة و حسب الترتيب بين الموظفين متبوعين بالنظام القضائي و البرلمــان و الأحزاب السياسية و القطاع الخاص و وسائل الإعلام. و حسب المؤشرات الدولية المتعلقة بالتنمية البشرية و منــاخ الأعمال و التنافسية و الحكامة فإن هناك عدة معيقات تواجه المغرب في هذا الجانب و تتمثل في ضعف المساءلة، و عدم فعالية القوانين و ضعف ولوج المواطنين إلى المعلومات، و ضعف فعالية حكم القانون و بطء و تعقيد المساطر الإدارية و عدم استقلال القضاء.
للفساد تداعيات وخيمة على كافة المستويـــات ذلك أنه يقوض التنافس الاقتصادي و يساهم في تراجع مدخرات العملة الناتج عن تهريب الأموال المترتبة عن الفساد إلى الخارج، كما أنه يؤدي إلى إقصاء فئات واسعة من المجتمع و يخلق تفاوتا اجتماعيا بين شرائحه و يمس بمصداقية المؤسسات. إن المجتمع في حاجة ماسة اليوم إلى استرجاع الأموال المنهوبة لتستفيد منها خزينة الدولة و توظف في الاستجابة للحاجيات الضرورية لبلادنا في الشغل و الصحة و التعليم و السكن، فيكفي أن نتأمل حجم الأموال المختلسة مثلا من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و التي وصلت إلى 115 مليار درهم أي ما يعادل 25 % من الناتج الداخلي الإجمالي لندرك حجم الكارثة التي أصابت و تصيب مقدرات بلادنا. إنها لمفارقة صارخة في وضع المغرب الراهن، هيمنة فساد نسقي لا يكاد يسلم منه أي قطاع، و ضعف مؤسساتي أصبح من المسلمات على نطاق واسع. إنهما لقصورين يغدي و يعضد بعضهما البعض، و مهما يكن فإنه ينبغي التذكير بأن وظيفة القانون في مجال مكافحة الفساد كما هو شأنه في مجالات أخرى لا تكمن في تعويض هشاشة الإرادة السياسية بل تتجلى فعاليتها عندما تصبح مكملة لإرادة سياسية قوية. إننا في هذه الندوة العمومية نعيد طرح الأسئلة التي طرحها كل من الباحثين بياتريس هيبو و محمد الطوزي في مقال لهما تحت عنوان: ((نشر آليات مكافحة الفساد بالمغرب: نحو إنشاء تعددية لأنماط الحكومة))، و المنشور بمجلة ((القانون و المجتمع)) بتاريخ 27 أبريل 2008 ص 3 و ذلك كما يلي: كيف يمكن تأويل هذه المشاهد المختلفة من صراع ضد فساد أصبح اليوم جليا للعيان بل و روتينيا؟ أنكون فعلا أمام قطيعة مبرمجة مع ممارسات الماضي؟ هل يتعلق الأمر بمنعطف حقيقي لمعالجة هذه الآفة؟ ألسنا أمام مجرد تمثيل أو مناورة تسخرها سلطة قائمة على الاشتراء و تبادل الخدمات و الرشــوة؟
*كلمة تقديمية ألقاها محمد الغلوسي يوم 28 يناير 2012 في ندوة مراكش حول " لنجعل سنة 2012 سنة محاكمة رموز الفساد وناهبي المال العام واسترجاع الأموال العمومية " عن مكتـــب فرع مراكش للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب
| | جريدة الواحة
|
|
|