الحملة الانتخابية.. سباق الابتذال

يحفل تاريخنا بأحداث سياسية تدفعنا إلى الاستنجاد بالحكمة الشعبية
واستحضار الشخوص التي تمثلها من أجل فهم الأحداث الراهنة. وفي هذا السياق،
ثمة رجل واحد في تراثنا الثقافي

والحضاري يجسد كل هذه الحكمة: إنه عبد الرحمان المجدوب.. رجل عرف كيف
يصدر أحكاما على الواقع الاجتماعي أو السياسي بجمل شديدة التركيز كثيفة
المعاني؛
ففي الوقت الذي بلغت فيه اليوم الحملة الانتخابية الممهدة لاستحقاقات 7
نونبر الجاري أوجها، واشتد فيه تنافس الأحزاب على استمالة ناخبين فقدوا
الثقة في التنظيمات الحزبية وضاقوا ذرعا بالوعود الديماغوجية، وصار فيه
الذين كانوا من وراء هذا الحراك، وأعني بذلك حركة 20 فبراير، معزولين، لا
يمكن أن أمنع نفسي من التفكير في جمل خالدة لعبد الرحمان المجدوب كالتي
يقول فيها: «الخيلْ مربوطة ولحميرْ تزعرط». يبدو أن هذا المثل ينطبق تمام
الانطباق على واقعنا اليوم. يؤسفنا حقيقة قول هذا، ولكنها الحقيقة؛ ذلك أن
هذه القولة المأثورة عن المجدوب تتداعى إلى الذهن بمجرد التفكير في الحراك
الذي تعرفه البلاد في الوقت الراهن ونوعية الفاعلين الذين ينشطونه. فماذا
عساه يكون الرهان الحقيقي لهذه الاستحقاقات؟ إذا كنا نسلم بأن الانتخابات
تشكل لحظة قوية في حياة أي ديمقراطية، فإن ثمة أسبابا تدفع إلى الإيمان بأن
الرهان كبير، ويتعلق الأمر بإقرار تغيير سياسي هام، وهو ما لا يتجسد حقيقة
على أرض الواقع.
ويتمثل الهدف المنشود قبل أي شيء آخر في «خلق مقاولة لتصريف الأصوات» بهدف
إضفاء نوع من الشرعية على مؤسسات مجمدة أعمالها وطبقة سياسية فقدت
مصداقيتها. بطبيعة الحال، يوجد دائما بلداء ومباركون بـ»نعم نعم» يرون في
هذه الانتخابات خطوة إلى الأمام نحو الديمقراطية، وإلى جانب هؤلاء هناك فئة
أخرى تعتبر الاستحقاقات الانتخابية قطعة فلكلورية اعتدنا أن نعيش على
إيقاعاتها مرة كل أربع أو خمس سنوات.
ومن هذا المنطلق، لن يستطيع ممثلو الأمة مستقبلا، وإن اختارهم الناخبون بكل
حرية، إصدار أحكام بخصوص الممارسات المسموح بها في المغرب؛ ذلك أن الدستور
لا يخول لهم هذا الاختصاص، والممارسة السياسية تنبذه. وعلى هذا الأساس، لم
يبق سوى محاولة إقناع المواطنين بأن البلاد توجد على عتبة موعد تاريخي هام
من خلال التركيز على أمور شكلية:
1 - نلجأ إلى تشبيب المرشحين، وكأن السن هو المشكلة الكبرى؛ والحال أن
الجميع يعلم بأن تخفيض معدل أعمار المرشحين لن يغير شيئا في الواقع.. فإذا
كنا ضِعَافا وأذِلاء، فإن النتيجة تكون سيان بصرف النظر عما إذا كنا شبابا
أو متقدمين في السن؛
2 - نعمد إلى رفع عدد النساء المرشحات، لكن ما فائدة ذلك إذا لم تسند إليهن أدوار فاعلة؟
3 - نستقطب يساريين «تائبين» من أجل أن نضفي على أنفسنا مظاهر الانفتاح
والحياد، لكن ما هي القيمة المضافة لأفراد «تنكروا»، ويمارسون نوعا من
الدعارة الثقافية والسياسية؟
4 - نرفع شعارات طليعية وحداثية، لكن أي معان يمكن أن تكتسبها أفكار التقدم
والحداثة إذا كان المعبرون عنها سياسيين جشعين منعدمي الضمير؟
5 - ندعي الحراك ضد الفساد ونحذر من شبح التطرف، وننسى بكل ببساطة أن الشر يوجد في مكان آخر؛
7 - نتوارى وراء الأصالة لنطالب بالحداثة، ومع ذلك نضغط في اتجاه توظيف
الوصفات المخزنية القديمة من أجل الانتصار للسلطوية وإدامة الاستبداد؛
8 - نتحدث عن الحرية، ومع ذلك ننبري للدفاع عن العبودية؛
9 - نلقي خطبا عن المستقبل، ثم نعارضه بالماضي؛
10 - ندعو إلى التغيير، ثم نشجع الجمود.
باختصار، يبدو المغرب مجبرا، على غرار «بانغلوس» في إحدى روايات الفيلسوف
الفرنسي فولتير، على قبول فكرة أن «كل شيء للأحسن في أفضل العوالم
الممكنة»؛ ففي هذا العالم «العجائبي» و»المنفتح على المستقبل»، تكون الكلمة
الأخيرة دائما للمخزن؛ ويبقى كل ما يطلب من رجال السياسة نوعا من التكيف
السلبي مع واقع يتجاوزهم.
قد يأتي يوم يتغلب فيه التحرر الجماعي على خضوع الأفراد. حينها، سيحين أوان
القضاء على العبودية ومعانقة الحرية. غير أن الطبقة السياسية المغربية لا
تزال قاصرة إلى حدود الساعة، ولذلك يتوجب عليها أن تخضع لوصاية المخزن الذي
يعمل على بسط سيطرته عليها بأقل التكاليف.
وعلى هذا الأساس، تصبح القضية الأساسية بالنسبة إلى المغاربة كالتالي: «أين
يوجد رجال السياسة الأحرار، الذين لم يروضهم المخزن بعد والمستعدون لتحمل
مسؤولياتهم بعيدا عن التعليمات الفوقية؟ وهل لا تزال هذه الفئة من
السياسيين موجودة حقا في المغرب؟
إن السؤال في حد ذاته قاس، لكن هل يمكن أن نتجاهل طرحه حين نرى أن المغاربة
يقترح عليهم السير في طريق يؤدي مباشرة نحو الباب المسدود؛ فماذا عسانا
نقول في ظل هذه الوضعية؟ إن اختيار ممثلي الأمة عن طريق الانتخابات أمر
جيد، ولكن لا بد من الإشارة هنا إلى أننا لا ينبغي أن نعتمد على هؤلاء في
التغيير الحقيقي الذي ينشده المجتمع.

ادريس بنعلي

almassae.press.ma

إن مقاطعة الإنتخابات الحالية هي بحد ذاتها مشاركة حقيقية في تدبير الشأن العام الوطني،أنصار المقاطعة يريدون الديمقراطية التي يكون مصدرها حرية الشعب في إختيار حاكميه، لكنها لا تتوفر في المشهد السياسي الراهن المليئ بأحزاب الفساد والإستبداد والتي هي عبارة عن عصابات منظمة تسعى فقط إلى خدمة مصالح الطبقة الديكتاتورية الحاكمة مقابل حصولها على فتات من الإمتيازات؛

ماذا حقق حزب الإتحاد الإشتراكي في السنوات الماضية:سنوات التوافق؟

ماذا حقق حزب العدالة والتنمية في إطار ولايته التشريعية السابقة؟

ماذا حقق حزب الإستقلال باعتباره الحزب الحاكم؟

وماذا حققت كل أحزاب المخزن بصفة عامة حتى نصوت عليها مرة أخرى؟

هل نحن أغبياء حتى نشارك في إنتخابات السلبية والعدمية؟ 

 البديل يمكن أن يتمثل في التعاطي المكثف للعمل الجمعوي في إطار جمعيات الأحياء والجمعيات التربوية والجمعيات الثقافية والجمعيات التنموية مع التنسيق مع المنظمات غير الحكومية المتواجدة بأوربا والولايات المتحدة الأمريكية وإيران،
والجمعيات يمكن أن تكون بديلا موازيا للبرلمان،
الموضوع طويل يكتسي طابعا تنظيميا سريا ويتطلب إجتماعا داخليا لتعميق النقاش.............

يا ثورة لاتشغلي بالك بالإشكاليات التافهة التي تعتبر الإنتخابات جزء منها،الإنتخابات عابرة وأحزاب الفساد والإستبداد مجرد جعجعة قرون في الرحى،إنها مهزومة مهزومة مهزومة،والمخزن مهزوم همزوم مهزوم ولو زيد عمره خمسين ألف سنة مما يعدون.
الحياة في تطور سريع،الأحداث متسارعة،المطالب كثيرة،البرامج متنوعة،فهل يستطيع البرلمان المقبل أو الحكومة المقبلة  تحقيق حقوق ومطالب المواطن؟،

فلتترقب دولتنا الحبيبة مظاهرات جديدة وحركات جديدة ضد فساد الحقل الديني ضد التطرف الديني ضد الإستبداد الديني