اسماعين يعقوبي
عدد المساهمات : 1328 نقاط : 2636 السٌّمعَة : 8 تاريخ التسجيل : 07/01/2010 العمر : 51
| موضوع: محمد الناصري.. ابن الزاوية الذي يخوض معركة إصلاح القضاء وحرب الإضرابات الثلاثاء نوفمبر 30, 2010 4:11 pm | |
| جريدة المساء الثلاثاء 30 نوفمبر 2010 العدد : 1301
إدريس الكنبوري
منذ أن تولى مسؤولية وزارة العدل في يناير الماضي ومحمد الناصري في رحلة شاقة من أجل إعطاء صورة جيدة عن وزارته، ولأن العدل هو «التوسط بين شيئين»،
فإن الناصري يحاول أن يمسك العصا من الوسط، وأن يخوض معركتين في وقت متزامن، معركة إصلاح ملف القضاء ومعركة التعاطي مع ملف الإضرابات المتوالية في القطاع الذي يدبره. ولد الناصري، الذي ينحدر من أسرة تنتمي إلى الزاوية الناصرية، عام 1939 بالدار البيضاء، وبعد تخرجه من كلية الحقوق في بداية الستينيات زاول مهنة المحاماة منذ عام 1964، حيث قطع مسارا طويلا في دهاليز المحاكم المغربية وخبر مشكلاتها وتفاصيلها. تقلد منصب الكاتب الأول ثم نقيب المحامين بهيأة الدار البيضاء، وشغل عدة مرات منصب عضو بمجلس هيأة المحامين، وفي سنة 1993 عين عضوا بالغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى، ثم عضوا بالمجلس الدستوري في الفترة ما بين 1994 و1999، كما شغل منصب مستشار قانوني بعدة وزارات ومؤسسات عمومية وجماعات محلية. وهو حاصل على وسام العرش من درجة فارس عام 1985 من لدن الملك الراحل الحسن الثاني، كما ترأس تحرير مجلة المحاكم بالمغرب على امتداد 6 سنوات. عندما انخرط الناصري في مهنة المحاماة في بداية الستينيات كان المغرب قد حصل حديثا على استقلاله، وكانت غالبية رجال المحاماة في المغرب من الفرنسيين، وهكذا كان على المحامي الشاب أن يتلقى تدريبه بأحد مكاتب هؤلاء المحامين الأجانب، ومكنه ذلك من معايشة مرحلة دقيقة في تاريخ المغرب هي مرحلة الانتقال إلى المغربة وتعريب القضاء والإدارة. وكأحد الأطر الأولى في المهنة، استطاع الناصري نسج علاقات مع عالم المال والأعمال بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، حيث بدأ مكتبه يعج بالملفات الكبيرة ذات العلاقة بالقضايا المالية والتجارية، لكن القضايا السياسية لم تتأخر طويلا في المجيء، ففي عام 1990، بعد نشر يومية «لوموند» الفرنسية الشهيرة موضوعا حول العائلة الملكية في المغرب اختاره الملك الراحل الحسن الثاني ليكون محامي الأسرة الملكية، وهي القضية التي ربحها الناصري ليكون لذلك أثر على مساره المهني فيما بعد، إذ أصبح المستشار القانوني للملك الراحل والرجل الذي يعرف عن قرب أكثر الملفات السياسية ذات الحساسية. عندما تولى الناصري مسؤولية الوزارة كان وراءه هذا المسار الطويل، والخبرة بواقع قطاع العدالة في المغرب راكمها طيلة أربعة عقود متواصلة، لذلك وعوض أن يظل في مكتبه ويتلقى المقترحات قرر الذهاب بنفسه إلى من يقدمونها للاستماع إليهم، مسترشدا بالعلاقات التي وفرها خلال مساره وبمعرفته بكل تفاصيل دهاليز المحاكم، وفي هذا الإطار قام بجولات في مختلف محاكم المملكة بمختلف درجاتها وعاين الأوضاع عن كثب والتقى القضاة والمحامين والعاملين في المحاكم واستمع إلى مقترحاتهم وقدم رؤية الوزارة لإصلاح خطة العدالة، الرؤية التي حددت التوصيات الملكية قسماتها لإصلاح القضاء العليل في المملكة. لقد أراد الناصري أن تكون تلك اللقاءات والاجتماعات أرضية لانطلاق مشروع إصلاح قوي وسليم للقضاء، لا أن يكون الإصلاح من الأعلى، مشددا على أن رفع تحدي الإصلاح هو مهمة جميع مكونات أسرة القضاء. كثيرا ما وجهت إلى جهاز القضاء أصابع الاتهام في الداخل، وكان ينبغي أن تتوالى التقارير الصادرة عن المنظمات الأجنبية حول الخلل في القضاء المغربي ودوره في تعطيل التنمية الاقتصادية وفي إعمال مبدأ حقوق الإنسان»، كما هي متعارف عليها عالميا»، لكي يشعر المغرب بأن هناك بالفعل خللا ينبغي إصلاحه، وهذه هي المهمة الصعبة التي يواجهها محمد الطيب الناصري، رجل القانون المتمرس، الذي جاء مكان عبد الواحد الراضي رجل السياسة والمواقف الوسط، الذي لا يمكنه أن يحيط بكل تفاصيل هذا النفق الواسع الذي يسمى القضاء في بلادنا. لكن الناصري لا يواجه فقط ملف الإصلاح، بل يواجه أيضا ملفا اجتماعيا كبيرا يتعلق بحركة الاحتجاجات التي خاضها شغيلو القطاع خلال هذا الأشهر الأخير ووصلت إلى درجة تعطيل المحاكم ووقف مصالح المتقاضين، ودفعت الوزير نفسه إلى انتقاد هذه الحركة الإضرابية خلال تدخله في مجلس النواب قبل أسابيع، فقد وجد الناصري أن الذين كان يجب أن يقفوا إلى جانبه في ورش إصلاح القضاء يقفون في مواجهته الآن، أما هؤلاء فيؤكدون أن هدفهم هو أن لا يسير أي إصلاح من دون أن تكون هناك تسوية لأوضاعهم الاجتماعية والمهنية، لكن التدخل الحكومي والتجاوب مع مطالب المضربين قد يساعد في إزالة المسامير من طريق ابن الزاوية الناصرية لكي يخوض معركة الإصلاح.
* الملحق السياسي | |
|