اعتقال عمال شركة النظافة بكلميم، مؤامرة للقضاء على العمل النقابي الناشئ
الاحد 11 أيلول (سبتمبر) 2011
بقلم: متضامن أحمر
الترسيم، التعويضات العائلية، التسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي، عدم التأخير في أداء الأجور.. من المطالب التي صدحت بها حناجر عمال شركة النظافة بكلميم لشهور عدة، دون أن تلقى أذانا صاغية من إدارة الشركة التي استولت على قطاع النظافة في إطار صفقة التدبير المفوض للقطاع... طبعا الشركة لا تقوم إلا بتقاضي الأرباح فالتجهيزات كانت مملوكة للبلدية والعمال يشتغلون ليل نهار لتضخيم الحساب البنكي لباترون الشركة.
يتعرض العمال لاستغلال شديد، فإلى جانب الاشتغال في الساعات الأولى في الصباح، لا يتمتع العمال بظروف عمل صحية ولا بإمكانية الوقاية المجانية من الأمراض التي تسببها الأزبال. ولا تلتزم الشركة حتى بتوفير لوازم العمل التي يقتنيها العمال من ماليتهم الخاصة (البذلة، المكنسة...).
انتظم العمال داخل نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (أكثر من 70 عامل منقب)، وخاضوا نضالات متعددة (وقفات واعتصامات بالمطرح وأمام مقر الشركة، إضرابات...) كما خاضوا معركة ناجحة لإرجاع 6 مطرودين، تكللت بالنجاح. بالإضافة إلى مشاركتهم الفعالة في كل نضالات حركة 20 فبراير. وهذا هو ما أغاض السلطة وإدارة الشركة، فاتخذوا قرارهم... تحطيم النقابة.
تواطؤ السلطة والمال.. لتحطيم النقابة
بعد أن بان للسلطة والشركة أن معركة عمال النظافة ليست "سحابة صيف"، وأنهم عاقدون العزم لنيل حقوقهم عقدت هي أيضا العزم للنيل من النقابة.
بعد إعلان إضراب يوم الخميس 09 سبتمبر 2011، تم اعتقال ثلاثة من عمال الشركة (بلعسري عادل، أسفار مصطفى، زايد عبد السلام)، بأمر من الباشا كركوز رئيس المجلس البلدي عبد الوهاب بلفقيه الذي ترقى بعد ولايتين من رئاسة المجلس البلدي من عامل بمحطة ضخ البنزين المملوكة لخاله القرشي إلى رأس حربة مافيا الاغتناء السريع و"غير المشروع بالمدينة".
اعتقل ثلاثة عمال ليلة الإعلان عن الإضراب الأربعاء 08-09-2011، بتهم تخريب ممتلكات الشركة وعرقلة سير أشغالها، وتم إطلاق سراحهم بعد أن تم استنطاقهم لمدة 3 ساعات من طرف الشرطة. أعيد اعتقالهم صبيحة يوم الخميس بمكان العمل (حي الضباط) وأودعوا في المحكمة لتقديمهم أمام وكيل الملك، ليعاد إطلاق سراحهم الساعة الخامسة بعد الزوال، إثر اعتصام العمال أمام المحكمة وتدخل الإطارات لنصرتهم.
لم تكتف السلطة بهذه الإجراءات التي تظهر ترددها وارتجالها في التعامل مع العمال النقابيين، إذا قامت باستدعاء الكاتب العام للمكتب النقابي ليلا، وأصدرت أمرا باعتقاله بتهمة مثيرة للضحك: التهديد بالقتل لأحد العمال دفعت به الشركة لتلفيق ذلك الاتهام للكاتب العام للنقابة. ولم يستطع المسؤول الأمني إبقاءه قيد الاعتقال فأطلق سراحه.
إن الذي يترك السلطة في هذا التردد والارتجال، هو التضامن المدهش الذي أبداه العمال مع رفاقهم المعتقلين، والخوف من تحول قضيتهم إلى قضية رأي نضالي عام بالمدينة مستاء من الغطرسة الأمنية لجاهز الشرطة في التعامل مع الاحتجاجات. فقد سبق لباشا المدينة أن أعلن أمام إطارات نقابية وجمعوية وحزبية احتجت على قمعه للمعطلين؛ أنه عازم "على تنظيف المدينة".. "تنظيفها" من الاحتجاجات طبعا وليس من ناهبي المال العام ومصاصي دماء الكادحين الذين يقدم لهم خدماته "الأمنية".. وليس مجانا بالتأكيد.
من يخرق القانون؟
يرد في لائحة اتهامات الموجهة إلى عمال شركة النظافة خرقهم للقانون.. أي قانون بالضبط؟ هذا ما لا تستطيع السلطة تقديم إجابة عنه. ويرد العمال بأن من يخرق القانون هي السلطة نفسها التي تقدم على اعتقال العمال دون اتباع المسطرة القانونية.
ويضيف العمال: أليست مدونة الشغل قانونا ملزما يجب على صاحب شركة النظافة تطبيقه؟ ألا يجب اعتقال مدير الشركة عندما يخرق بندا من بنود مدونة الشغل؟
لقد سبق لمدير الشركة أن طرد 6 عمال دون احترام مقتضيات المادة 13 وكل بنود الفرع الأول من الباب الخامس المتعلقة بتوقف عقد الشغل من مدونة الشغل، فلماذا لم تعتقله السلطة؟ ألم تقر ديباجة قانون الشغل أن "الحقوق التي يقرها حدا أدنى لا يمكن التنازل عنه".
أليس عدم تسجيل العمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خرقا لقانون الشغل يقترفه باترون الشركة دون أن تتحرك السلطة لاعتقاله؟
أليس تأخير الأجور وعدم أدائها في وقتها، خرقا للمادة 363 و368 ؟ ألا يعتبر أداء الأجور من داخل سيارة خاصة بالمراقب ودون وثيقة إثبات تسمى "ورقة الأداء" خرقا للمادة 370، 371من مدونة الشغل؟ ألا يستوجب ذلك اعتقال مدير الشركة؟ هل سبق أن أغرمت السلطة مدير الشركة بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 375 "300 إلى 500 درهم بسبب عدم تسليم ورقة الداء وتتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق أحكام المواد السالفة الذكر". ألا تخرق السلطة الحكومية قانون الشغل بعدم تفعيلها لهذه الإجراءات الزجرية؟
ألا يندرج عدم تمتيع العمال بالتعويضات العائلية إخلالا بالقانون و"بالأمن العام لحياة أسر العمال"، ألا يجب هنا على الأقل تطبيق العقوبات الزجرية الواردة في مدونة الشغل؟
يتسم قطاع النظافة بإمكانية إصابة العمال بأمراض نتيجة احتكاكهم بالنفايات، أليس عدم توفر طبيب الشغل خرقا للمادتين 304 و305 من مدونة الشغل. ألا يستوجب ذلك اعتقال مدير الشركة؟
طبعا الجواب بالتأكيد هو... لا. فالسلطة هي أداة وجهاز في يد الباترون ورئيس المجلس البلدي الذي منحه تسيير قطاع النظافة في طابق من ذهب. لتمتلء جيوب الباترون وليذهب العمال إلى الجحيم. فقط عندما يضرب العمال من أجل حقوقهم يعتبر ذلك خرقا للقانون.
إن قضية عمال النظافة هي قضية كل الهيئات النقابية والجمعوية والحزبية بالمدينة. وأي تلكؤ في التضامن معهم يعتبر تواطؤا مع السلطة، فلنهب جميعا لنصرة العمال الذين "ينظفون المدينة"، ولنلقن درسا للباترون والسلطة ومن ضمنها الباشا الذي أراد "تنظيف المدينة" من.. عمال النظافة وحركات المعطلين وحركة 20 فبراير وغيرها من الحركات الاحتجاجية.
متضامن أحمر