رئيس الودادية اعتبر تعيين غير القضاة بالمجلس حجرا على القضاء
انتفض قضاة المغرب، أخيرا، بعد نشر أجزاء من مسودة الدستور الجديد في وسائل الإعلام، سيما ما تعلق بتوسيع تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وتعيين غير القضاة به.
واستغرب عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، بعض مضامين مسودة الدستور الجديد، إذ اعتبر تعيين غير
القضاة بالمجلس الأعلى للقضاء «حجرا حقيقيا على القضاء المغربي»، مشيرا إلى أن الودادية الحسنية للقضاة ترفض، بشكل قاطع، تسييس المجلس الأعلى للقضاء.
وتساءل العياسي، في تصريح للصباح، قائلا «كيف يعقل أن يتم إخراج السلطة التنفيدية من تركيبة المجلس الممثلة في نيابة وزير العدل عن رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ويتم إدخال السلطة التشريعية في تركيبة المجلس، ما يشكل حقيقة مساسا باستقلالية القضاء؟، مشيرا إلى أن الودادية سوف تتخذ موقفها إثر الإعلان الرسمي عن مسودة الدستور، بالنظر إلى أن هناك إجماعا من القضاة على رفض وجود أجانب ضمن التركيبة.
من جهتهم، أبدء عدد من القضاة، في اتصال مع «الصباح»، استياءهم وتذمرهم مما تسرب في وسائل الإعلام حول المجلس الأعلى للقضاء بالدستور الجديد، مشيرين، في الوقت نفسه، إلى أنهم يرفضون أن يصبح شأنهم الداخلي بيد أشخاص لا علاقة لهم بالشأن المهني، سيما السياسيين، مما يتناقض ومبدأ استقلالية القضاء.
وتحدثت مسودة الدستور المرتقب، عن توسيع عضوية المجلس الأعلى للقضاء ليشمل تمثيلية موسعة، تضم رئيسي غرفتي البرلمان ورؤساء مؤسستي الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئيس المحكمة الدستورية وشخصيات أخرى يعينها الملك، واقتراح لائحة النساء القاضيات للعضوية في المجلس.
وكانت الودادية الحسنية للقضاة قدمت مقترحاتها إلى اللجنة المكلفة بتعديل الدستور حول تركيبة المجلس الأعلى للقضاء، ورأت أنه، لتحقيق أكبر قدر من الشفافية، يجب أن تستمر الرئاسة لجلالة الملك باعتباره أمير المؤمنين الضامن الأكبر لاستقلال السلطة القضائية، وأن تسند النيابة عن الرئيس إلى رئيس المجلس الأعلى الأسمى درجة في السلك القضائي.
وعن العضوية داخل المجلس ترى الودادية أن يكون هناك أعضاء بقوة القانون ممثلين في الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى حتى تضمن تمثيلية كاملة لقضاة النيابة العامة، ورئيس الغرفة المدنية الأولى، الذي عادة ما يكون قيدوم قضاة المملكة وقضاة المجلس الأعلى، ويمثل هؤلاء الأخيرين بهذه المؤسسة الدستورية، أما الأعضاء المنتخبون فترى الودادية أن يرفع عددهم إلى ثمانية، خمسة يمثلون محاكم أول درجة، ينتخبون بالاقتراع العام المباشر من بينهم قاضية تنتخب وفق قانون خاص، وثلاثة قضاة يمثلون محاكم الدرجة الثانية ينتخبون بالاقتراع العام المباشر بينهم قاضية تنتخب وفق قانون خاص.
اعتبرت الودادية في مقترحاتها ضرورة توفير مقر خاص بالمجلس الأعلى للقضاء، وتخويله الاستقلال المالي والإداري، وانفراده بتدبير شؤون القضاة من ولوجهم المعهد العالي للقضاء إلى غاية إحالتهم على التقاعد، مع وجوب انتظام دوراته، ومنحه إمكانية الإشراف على مبارة ولوج المعهد العالي للقضاء، والإشراف على تكوين القضاة في جميع المراحل، والسهر على التقيد بمدونة القيم القضائية، وإقرار جزاءات على الإخلال بها، وأن يلحق به قسم القضاة ومصلحة التفتيش القضائي.
واقترحت الودادية مراجعة « النظام الداخلي بشأن منهجية عمل المجلس الأعلى للقضاء» بما يتلاءم مع التعديلات الدستورية المقترحة. وأن يعهد لأمانة المجلس الأعلى للقضاء تهييء موازنة سنوية مستقلة وشاملة للاعتمادات الخاصة بالسلطة القضائية، وإعداد تقرير سنوي لتقييم عمل المحاكم يعرض على الملك.
وانطلاقا من المبدأ الذي يجمع عليه قضاة المملكة، وهو عدم جواز ولوج أي كان «مؤسسات أو أفرادا» مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء، باعتبار أن المهام القضائية للمجلس الأعلى للقضاء، المنحصرة في تعيين القضاة وترقيتهم، وإسناد المسؤولية إليهم وتأديبهم ثم إحالتهم على التقاعد، تطرح الودادية سؤال الإضافات النوعية التي ستقدمها مؤسسات أو أفراد من خارج السلك القضائي، لما سيقررون في تلك المهام في غياب إلمامهم بمتطلبات المهنة وعدم عيشهم معاناة أفرادها، وأن إدخال جهات من خارج السلك القضائي للمجلس الأعلى للقضاء، يوحي بالحجر على القضاة ودونيتهم، مما يعمق النظرة السلبية التي رسمها البعض حول القضاء، ولن يسعف في استرجاع ثقة المتقاضين.
جريدة الصباح
كريمة مصلي