أكدت مصادر مطلعة أن امحند العنصر، وزير الداخلية، غاضب من بعض التصريحات الانفرادية لوزراء العدالة والتنمية. وأشارت المصادر ذاتها إلى تصريح كل من وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، الذي استنكر استعمال القوة في تفريق وقفة احتجاجية أمام وزارته، معتذرا للمحتجين الذين اشتكوا له من تكسير الأمن لمكبرات الصوت وتمزيق لافتات كانوا يحملونها أثناء الوقفة، ومصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي دعا المتضررين من استعمال العنف إلى اللجوء إلى القضاء.
بالمقابل، أكدت مصادر مقربة من وزير الداخلية وأمين عام الحركة الشعبية الذي يوجد في مهمة بالخارج، أن الأخير سيعيد طرح مشكل ازدواجية خطاب وزراء العدالة والتنمية على رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، بعد عودته من الخارج، من أجل ضبط إيقاع الأغلبية والسهر على احترام ميثاقها الأخلاقي الذي خرقه وزراء العدالة والتنمية من خلال تحميل مسؤولية استعمال العنف في أحداث تازة والحسيمة وخريبكة إلى وزارة الداخلية وحدها، علما أن كل التقارير الأمنية يحصل عليها رئيس الحكومة الذي اعترف غير ما مرة بأنه هو من طلب من وزير الداخلية والمسؤولين الأمنيين إخلاء المؤسسات العمومية من «المحتلين»، ولو تطلب الأمر استعمال القوة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الهاجس الانتخابوي يؤرق وزراء العدالة والتنمية مع قرب الاستحقاقات الجماعية، وأن خطة الحزب في المرحلة الراهنة تميل إلى تفادي التورط في ضريبة الاحتجاجات مقابل إلقاء الكرة في ملعب باقي مكونات الحكومة في الملفات الشائكة، بل إن أعضاء في فريق الحزب يلوحون بورقة أن القرار الأمني يتخذ خارج الحكومة، دفاعا عن رئيسها عبد الإله بنكيران من خلال إصرارهم على محاسبة وزير الداخلية والوزير المنتدب في الداخلية في البرلمان بخصوص أحداث العنف في بني بوعياش وتازة وغيرها من المدن، وهو ما دفع بنكيران إلى محاولة امتصاص غضب الأمناء العامين للأغلبية من خلال كلمته التي ألقاها أمام فرقها، أول أمس (الأحد) بالرباط، والتي عبر من خلالها عن تحمله المسؤولية كاملة في قرار إخلاء المقرات العمومية من المعتصمين، معترفا بأنه من أعطى أوامره لوزير الداخلية في هذا الإطار، مشددا على أن الحكومة لا يمكنها أن تتساهل مع من يحاول قطع الطريق العمومية وإلحاق خسائر بممتلكات الدولة من خلال احتجاجات تتجاوز كل الحدود، كما عبر رئيس الحكومة عن تضامنه مع قوات الأمن مبديا رفضه نعتها بقوات القمع، موضحا في السياق ذاته أن الدولة تحاول تجنب استعمال العنف ما استطاعت في تفريق المتظاهرين، وقال بنكيران في هذا الصدد «الله غالب إذا وقعت تجاوزات من قبل قوات الأمن».
من جهة أخرى، أفادت مصادر في حزب العدالة والتنمية أن وزير الداخلية رفع لائحة الولاة والعمال مباشرة إلى الديوان الملكي، وهو ما أثار غضب بنكيران الذي عبر للعنصر عن رفضه تجاوز المسطرة التي نص عليها الدستور الجديد في ما يتعلق باقتراح التعيين في المناصب السامية، الشيء الذي دفع بنكيران إلى التصريح بأن الملك اتصل به وطلب منه رفض أي توجيهات صادرة من الديوان الملكي إذا تعارضت مع روح الدستور ونصه، وهو ما نفته مصادر مقربة من وزير الداخلية، وشددت على أن العنصر لم يرفع أي لائحة للولاة والعمال إلى الديوان الملكي، وأن تسريبات من هذا القبيل تقف وراءها جهات محسوبة على حزب بنكيران من أجل التشويش على وزارة الداخلية مع قرب الاستحقاقات الجماعية.
عن جريدة الصباح