أن تجد جريدة حزبية, كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الاشتراكي او الأحداث المغربية تدافع عن نقابتها وتتبنى خطواتها, بل وتشوه التاريخ وتمحوره لخدمة توجهاتها السياسية والايديولوجية فهذا شيء عادي, أما ان تجد جريدة تدعي الاستقلالية وتقوم بكل هاته الأشياء, فهو شيء غريب وغير عادي ويستدعي الكثير من البحث والتأمل ومحاولة فك ألغاز هذا التواطؤ ودوافعه.
سبب المقال والعنوان, هو ما تقوم به جريدة الصباح عموما ومراسلتها (ك.م) خصوصا في تغطيتها لملف إصلاح القضاء ونضال النقابات الفاعلة داخل قطاع العدل. فالمتتبع لكل ما تكتبه الجريدة والمراسلة سيخرج بفكرة ان الفاعل الوحيد في القطاع هو عبد الصادق السعيدي كاتب عام النقابة الديموقراطية للعدل ف د ش وان نقابته هي أول نقابة بل النقابة الوحيدة في القطاع ,كما تذهب الى ذلك جل المقالات والتغطيات, حيث وصل الحد الى الافتراء وتزوير الحقائق, بحيث نجد من بين ما نشرته جريدة الصباح أن أول إضراب وطني في قطاع العدل خاضته النقابة الديموقراطية للعدل في 2003 !!!؟؟؟... كما ان جل المواضيع التي تخص اصلاح القضاء يحضر فيها من يتحدث باسم وزارة العدل, ثم قانوني, وعبد الصادق السعيدي. وكأن هذا الثلاثي هو من يفهم او من لديه طروحاته الخاصة حول الموضوع في تغييب تام لجميع الفاعلين الآخرين وعلى رأسهم النقابة الوطنية للعدل ك د ش التي فرضت عليها الجريدة حصارا لا مثيل له, وحتى عندما تتحدث عنها, فالطريقة تكون مشوهة بهدف خدمة مصالح غير مرئية وان كانت خيوطها ظاهرة للعيان كما كان الشأن حينما كتبت الجريدة بعنوان عريض ان النقابة الوطنية للعدل ك د ش علقت برنامجها النضالي, في حين ان مضمون المقال والبيان يشير ان النقابة الوطنية للعدل تؤجل برنامجها النضالي الى ما بعد جلسة الحوار مع وزارة العدل, والفرق بالطبع شاسع جدا بين تعليق البرنامج وتأجيله الى ما بعد جلسة الحوار وخصوصا ان المرحلة كانت دقيقة وحساسة جدا.
ان المفترض, بل المطلوب من الصحافة عموما وجريدة تدعي الاستقلالية خصوصا كجريدة الصباح هو البحث عن الخبر ودراسته من جميع جوانبه ونقل وجهة نظر كل المتدخلين حتى تتضح الصورة امام القارئ والمتتبع, وكذا التزام الوضوعية في كل المراحل وليس تبني خط واحد ووجهة نظر واحدة في شكل هو اقرب للدعاية لنقابة, منه الى تغطية اعلامية للحدث.
وتنويرا لجريدة الصباح ولجميع المتتبعين, فان فروع النقابة الوطنية للعدل ك د ش يرجع بداية تأسيسها الى سنة 1998, حينها كانت المركزيات النقابية تهاب وتخشى تبعات ولوج واقتحام قطاع حساس كقطاع العدل والذي اعتبر لعقود عديدة قطاعا للسيادة, وانعقد المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للعدل صيف سنة 2000 بعد تأجيل لمرات عديدة جراء الضغوطات والرفض المعلن عنه من طرف الدولة
ومن غريب الصدف ان عبد الصادق السعيدي, كان عضوا في المكتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل بل وناضل تحت لوائها سنوات عديدة قبل وبعد طرده من العمل لأسباب نقابية.
وبعد طرده خاضت النقابة الوطنية للعدل معارك من اجل عودته الى عمله مكرما معززا, الا ان الحسابات السياسية للوزير الاتحادي الراحل بوزوبع, كانت حاضرة بقوة في تلك المرحلة, حيث لم يرق له ولحزبه ان يكون وزيرا اتحاديا ويشتغل في قطاع تسيطر عليه نقابة واحدة من قبيل النقابة الوطنية للعدل بقوتها وسمعتها الطيبة ونضاليتها المبدئية المعروفة, فيما حزبه ومركزيته النقابية دون نقابة في قطاع العدل.
ومنذ ذاك الحين بدأت فصول المسرحية _التي انطوت على أغلبية الموظفين الذين كانوا حديثي العهد بالعمل النقابي_ تحبك فصلا فصلا, وقد انخرط عبد الصادق السعيدي في هاته المسرحية بجدية كبيرة بل كان بطلها بدون منازع.
يتبع