AADALA
مرحبا بك في المنتدى

يجب التسجيل قصد التمكن من كتابة المواضيع والرد عليها والاطلاع على المرفقات
AADALA
مرحبا بك في المنتدى

يجب التسجيل قصد التمكن من كتابة المواضيع والرد عليها والاطلاع على المرفقات
AADALA
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تواصلي اخباري يخص جميع موظفي العدل وقضاياهم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
مرحبا بكل زوار وأعضاء المنتدى نتنمى ألا تبخلوا علينا بكتاباتكم وملاحظاتكم قصد الرقي بالمنتدى الى أعلى المستويات. المنتدى مفتوح في وجه الجميع بكل المشارب الفكرية والانتماءات السياسية والنقابية
adala
<>
المواضيع الأخيرة
» إعلان عن فتح باب الترشيح لشغل مناصب المسؤولية الشاغرة بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بالإدارة المركزية بموجب قرار وزير العدل رقم 12/م.م.ب/22 بتاريخ 25 فبراير 2022
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالخميس مارس 03, 2022 2:19 pm من طرف JUSTE

» اللائحة الأولية للمترشحين المقبولين لاجتياز الاختبار الكتابي لمباراة توظيف منتدبين قضائيين من الدرجة الثالثة تخصص (مجال المساعدة الاجتماعية).
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالخميس مارس 03, 2022 2:17 pm من طرف JUSTE

» برنامج ولائحة المترشحات والمترشحين المدعوين لإجراء مقابلات الانتقاء لشغل مناصب المسؤولية الشاغرة بمصالح كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة بالمحاكم المعتبرة في حكم أقسام ومصالح بالإدارة المركزية
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين ديسمبر 06, 2021 11:20 am من طرف JUSTE

» اللوائح النهائية للمترشحين المقبولين لاجتياز الاختبار الكتابي لامتحان الكفاءة المهنية الخاص بهيئة كتابة الضبط برسم سنة 2021.
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين ديسمبر 06, 2021 11:17 am من طرف JUSTE

» اللائحة النهائية للمترشحين المقبولين لاجتياز الاختبار الكتابي لامتحان الكفاءة المهنية الخاص بهيئة المهندسين العاملين بوزارة العدل برسم سنة 2021
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين ديسمبر 06, 2021 11:15 am من طرف JUSTE

» إعلان عن فتح باب الترشيح لشغل منصب رئيس قسم التكوين الإعدادي والمستمر بمديرية تكوين كتاب الضبط الشاغر بالمعهد العالي للقضاء
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين ديسمبر 06, 2021 11:14 am من طرف JUSTE

» اللوائح الأولية بأسماء الموظفين المؤهلين للترقي في الدرجة والمستوفين للشروط النظامية المطلوبة إلى غاية 31 دجنبر 2021 حسب الدرجات -خارج نظام الحصيص
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:14 pm من طرف JUSTE

» اللوائح الأولية بأسماء الموظفين المؤهلين للترقي في الدرجة والمستوفين للشروط النظامية المطلوبة إلى غاية 31 دجنبر 2021 حسب الدرجات -داخل نظام الحصيص
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:13 pm من طرف JUSTE

» اعلان عن تنظيم امتحانات الكفاءة المهنية الخاصة بهيئة المهندسين العاملين بوزارة العدل برسم سنة 2021
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:12 pm من طرف JUSTE

» اعلان عن تنظيم امتحانات الكفاءة المهنية الخاصة بموظفي هيئة كتابة الضبط بوزارة العدل برسم سنة 2021
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:11 pm من طرف JUSTE

» اعلان عن فتح باب الترشيح لشغل منصب المفتش العام بوزارة العدل
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:09 pm من طرف JUSTE

» اعلان عن إعادة فتح باب الترشيح لشغل منصب مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:08 pm من طرف JUSTE

» اعلان عن فتح باب الترشيح لشغل منصب مدير التجهيز وتدبير الممتلكات بوزارة العدل
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2021 12:07 pm من طرف JUSTE

» الأغلبية والمعارضة تطالبان بقانون مالية تعديلي لمواجهة آثار كورونا
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالخميس أبريل 30, 2020 5:17 pm من طرف JUSTE

» كيف تسترجع أموال الضريبة على الدخل في حالة التوظيف أواسط السنة المالية
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد مايو 20, 2018 9:43 am من طرف JUSTE

» نتائج مقابلة الانتقاء لممارسة مهام عدل بالولايات المتحدة الأمريكية
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد أبريل 29, 2018 11:37 am من طرف JUSTE

» لمن تعذر عليه الوصول الى خدمات تتبع ملفات سينيا السعادة سهام
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد أبريل 29, 2018 9:08 am من طرف JUSTE

» إعلان خاص بفتح باب الترشيح لشغل منصب الكاتب العام بالمعهد العالي للقضاء
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد يناير 07, 2018 11:56 am من طرف JUSTE

» اعلان عن فتح باب الترشيح لشغل منصب المفتش العام بوزارة العدل
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد يناير 07, 2018 11:56 am من طرف JUSTE

» اعلان عن فتح باب الترشيح لشغل منصب مدير الشؤون الجنائية و العفو بوزارة العدل
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد يناير 07, 2018 11:55 am من طرف JUSTE

» اعلان عن فتح باب الترشيح لشغل منصب مدير الموارد البشرية بوزارة العدل
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد يناير 07, 2018 11:54 am من طرف JUSTE

» عــاجـــل: وزارة التربية الوطنية تعلن عن الجدولة الزمنية لمباراة التوظيف بالتعاقد
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالسبت ديسمبر 16, 2017 4:38 am من طرف JUSTE

» بنكيران يخسر معركة الولاية الثالثة على رأس "العدالة والتنمية"
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأحد نوفمبر 26, 2017 6:07 am من طرف JUSTE

» "تسونامي" بن سلمان يواصل إسقاط "رؤوس كبيرة" في السعودية
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأربعاء نوفمبر 08, 2017 1:58 pm من طرف JUSTE

» المجلس الأعلى للحسابات يعلن الافلاس الاقتصادي ل'الدولة'
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالأربعاء نوفمبر 08, 2017 1:07 pm من طرف JUSTE

مواقع إدارية و نقابية
المواضيع الأكثر شعبية
الموظف العمومي بالمغرب بين القانونين الإداري والجنائي
لمحة عن تاريخ العمل النّقابي بالمغرب
نموذج طلب الترخيص لمتابعة الدراسة
كيف تسترجع أموال الضريبة على الدخل في حالة اقتناء سكن عن طريق قرض بنكي
التنظيم الهيكلي لمصلحة كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة: منشور عدد : 858
القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة
موقع المؤسسة المحمدية للأعمال الإجتماعية لقضاة و موظفي العدل
Calcul de la pension CMR تحديد مبلغ معاش التقاعد بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد -http://assamed.blogspot.com/
صدور مرسوم حذف السلالم الدنيا بالجريدة الرسمية
توضيحات حول نظام التعويضات المتضمن فيما يسمى النظام الاساسي لموظفي كتابة الضبط
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 2025 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو brahimos فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 9815 مساهمة في هذا المنتدى في 5598 موضوع
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
JUSTE - 3625
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
اسماعين يعقوبي - 1328
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
باين عاين - 514
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
عبد الحكيم - 385
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
إنتفاضة - 355
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
SIR - 349
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
ع.الحفيظ زروقي - 327
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
محمدين - 255
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
SNJ - 183
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 
menchar9 - 113
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_rcapإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Voting_barإصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Vote_lcap 

 

 إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
JUSTE




عدد المساهمات : 3625
نقاط : 12104
السٌّمعَة : -2
تاريخ التسجيل : 02/01/2010
العمر : 54

إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Empty
مُساهمةموضوع: إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين   إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين أكتوبر 22, 2012 1:27 pm



بواسطة:
[size=16]الدكتور بوحنية قوي

بتاريخ : الجمعة 09-09-2011 07:58 مساء
إذا سلمنا جدلا بأن العدل
و العدالة صنوان في إقامة دعائم ما يعرف بدولة القانون ، بعد أن نتفادى
الخوض في الجانب الإبستيمولوجي الفاصل بين المصطلحين ، فإنه يتاح لنا عند
إذ أن نقرر بأن الذي دأبت على ترديده الأمم و الشعوب قديما بقولها : العدل
أساس الملك ، إنما هو قول سديد إلى أبعد الحدود بالنظر إلى السياقات
التاريخية و المعرفية التي صيغ فيها . و لعل سداد مثل هذه المقولة يجد
مناطه في الإيحاء المبطن من استعمال لفظ الملك كناية عن كيان صرنا نسميه في
أيامنا باعتباره من مكونات المجتمع الدولي الأساسية :

ورقلة بعنوان

إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين

دراسة من إعداد

- الدكتور بوحنيه قوي

- أستاذ محاضر في العلوم السياسية-عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية -

- الدكتور ألأخضري نصر الديــــن

أستاذ محاضر -رئيس المجلس العلمي بكلية الحقوق والعلوم السياسية ومحامي


الملخص :

تسعى الدراسة الحالية و هي تحاول أن تقف على المستوى الذي وصل إليه
إصلاح العدالة بالجزائر إلى البحث في ما إذا كانت الجزائر مخيرة أم مجبرة ،
و هي تتبنى مثل هذا المشروع بالنظر إلى الظروف الصعبة التي زلزلة أركان
كيان الدولة الجزائرية خلال القرن الماضي .

و في ها السياق لن تكتفي الدراسة بالبحث في هذا الإصلاح في ظل قراءة
داخلية بحتة بواقع الجزائر بل إنها ستعمل على اللجوء إلى مقاربات فيها شيء
من المقارنة مع بعض النماذج الدولية التي تتقاطع من زاوية أو أخرى مع
الجزائر لأسباب جغرافية أو تاريخية أو سياسية أو حضارية بغية إسقاط النتيجة
المنتهى إليها بالقول في ما إذا كان هذا الإصلاح بالقياس إلى ما يحدث في
مناطق أخرى يستأهل وصف إصلاح العدالة الرشيد و يسمح بالنتيجة إلى القول أنه
يندرج ضمن المنظور الأشمل المتحدث عن الحكم الراشد بالجزائر منظورا إليه
من خلال مرفق القضاء من عدمه .

--------------------------------------------------------------------------

الكلمات المفتاحية : إصلاح العدالة ، المواكبة ، التحسين .

المقدمـــــــــة :

إذا سلمنا جدلا بأن العدل و العدالة صنوان في إقامة دعائم ما يعرف
بدولة القانون ، بعد أن نتفادى الخوض في الجانب الإبستيمولوجي الفاصل بين
المصطلحين ، فإنه يتاح لنا عند إذ أن نقرر بأن الذي دأبت على ترديده الأمم و
الشعوب قديما بقولها : العدل أساس الملك ، إنما هو قول سديد إلى أبعد
الحدود بالنظر إلى السياقات التاريخية و المعرفية التي صيغ فيها . و لعل
سداد مثل هذه المقولة يجد مناطه في الإيحاء المبطن من استعمال لفظ الملك
كناية عن كيان صرنا نسميه في أيامنا باعتباره من مكونات المجتمع الدولي
الأساسية : الدولة .

إن العدالة التي تتوخاها الأمم و الشعوب ، إنما هي أقرب ما تكون إلى
المطلب الفطري و الغريزي ، الذي قد تكيفه الدوائر العاملة في حقوق الإنسان
في نطاق مدرسة القانون الطبيعي - من دون التصادم مع المدارس الوضعية و
الاجتماعية - بأنه حق طبيعي . و لطبيعيته تلك ، يهرع المترشحون من زعماء و
قادة أثناء حمالاتهم الانتخابية بوعد الجماهير و الناخبين بأنهم سيكونون
إن هم فازوا ، و تمت تزكيتهم ، الأحرص على تأمين العدالة ، و الأشد ضربا
على أيدي المخلين بمعاني القسطاس في الحكم حتى قبل أن يبتدع مصطلح الحكم
الراشد . و لعمري كم هو رشيد ، إقحام الحديث عن العدالة ضمن مكونات منظومة
الحكم الراشد منظورا إليها من مختلف الزوايا و المناحي . و عليه : فهل أن
الحديث في الجزائر عن إصلاح العدالة إنما هو اختيار ذاتي و عفوي ، شعرت
بضرورته الجهات السياسية الحاكمة ، إيمانا منها بسنن التغيير ، و اقتناعا
بتراجع أداء المنظومة القضائية و الترسانة التشريعية ؟ أم أن الأمر إنما هو
إملاء خارجي ، دعت إليه مباعث السعي إلى البحث عن عذرية دولية جديدة
بالنظر إلى الخدوش و الرضوض الشديدة الألم التي طالت جسم الدولة الجزائرية و
شوهت سمعتها لعقد كامل من الزمن أو يزيد ؟ أم أن حقيقة الأمر كله، تكمن في
أن الجزائر على غرار غيرها من الدول، ليس بمقدورها النأي بنفسها عن مؤثرات
العولمة على تعدد و تنوع صورها ، بما في ذلك ما تعلق منها بمفصل إصلاح
العدالة ، و من ثمة فإنه بات ملحا العمل في شكل استباقي على الاستجابة
لضرورات مواكبة التوجهات الدولية التي ، لا تجد الجزائر ضرورة للتصدي لها
بشكل مطلق ، طالما أن كثير من القيم و المثل العليا ، و إن تم وصولها تحت
عنوان العولمة ، إلا أن تبنيها و اعتناقها لن يزيد المنظومة القانونية
الجزائرية إلا ثراء و تطورا إيجابيا، كما هو الشأن بالنسبة لبعض قواعد حقوق
الإنسان التي ما تفتأ في تحسن وتطور مضطرد، لدرجة أن العالم اليوم قد صار
المقيمون فيه ، يتحدثون عن وجود جيل رابع لحقوق الإنسان ؟

إن الدراسة الحالية لا تزعم لنفسها على الإطلاق الإجابة بشكل يقيني
عن الدواعي التي أفضت بالجزائر إلى فتح ورشات معنية بعناوين تقع تحت
طائلة إصلاح النظام القضائي و تطوير مرفق العدالة و إقامة دولة القانون و
ما شاكل ذلك من هذه التسميات ، غير أننا لن نألو جهدا في العمل على رفع
اللثام عن الغايات القصوى التي حدت بالنظام الجزائري إلى اختيار هذا المنحى
رغم أنه كان من المتفهم نسبيا من المجتمع الدولي أن تنشغل الجزائر أولا
بلملمة جراحها و مسح دموعها الهاميات التي ذرفتها خلال العشرية الأخيرة من
موفى القرن الماضي. على أن مثل هذه الدراسة ، و إن لم تكن تدعي أنها ستكون
جامعة مانعة ، فإنها سعيا للفوز بوصف المقبولية ، ستعمد استنادا إلى المنهج
المقارن و تحليل المضمون دون إغفال المنهج التاريخي و الوصفي ، عند
الاقتضاء إلى تقديم قراءتها للنتائج المرجوة في ظل ما هو متاح من مناخ
سياسي ووسائل مادية ، مالية و بشرية .

أولا : فكرة إصلاح العدالة بوجه عام .

مما لا ريب فيه أن العملية التشريعية إنما هي عملية ديالكتيكية، ذلك
أنها تتضمن بين طياتها معاني الاستقرار و الارتكان إلى الثبات تحت عنوان
الدعوة إلى استقرار المعاملات ، و المحافظة على المراكز القانونية للأطراف
من جهة، والاعتراف من جهة أخرى بأن القاعدة القانونية أيا كان مصدرها ،
إنما هي آلية بشرية تتسم بطبيعة ديناميكية استجابة لتغير الأوضاع و الأحوال
سواء كان ذلك على المستوى السلوكي أو تعلق الأمر بمنطق الإستحداثات
التكنولوجية، بدليل أن القواعد العرفية نفسها تعرف سنة التآكل و البوار بعد
حين، إذ أن الذي يصلح لجيل معين كقواعد عرفية أملتها مقتضيات معينة تأطيرا
لحاجاته ، لا يصلح للأجيال التي تأتي من بعده لتغير الحاجات نفسها و تطور
الصيغ و الأوعية المتضمنة للمقتضيات الجديدة . و هكذا الحال بالنسبة
لقواعد مختلف المصادر القانونية الأخرى الوضعية ، دولية كانت أو داخلية
بدليل ما تشهده الدول بداعي الهزات الاجتماعية بين حين و آخر من ضرورات
تغيير العقود الاجتماعية عن طريق استفتاءات شعبية تكون الدساتير في العادة
محورا لها و الخروج من نظام جمهوري إلى نظام ملكي ، أو التحول من جمهورية
رابعة إلى جمهورية خامسة كما حصل في فرنسا سنة 1958 ، أو ما أصاب الجزائر
في أعقاب 05/10/1988 التي تسببت في بعث دستور 23/02/1989 . و بالنظر إلى
هذه الطبيعة الديناميكية التي تصطبغ بها القواعد القانونية إجمالا فإنه لا
تثريب علينا إن نحن أسقطنا الوصف نفسه على فكرة إصلاح العدالة تساوقا مع
السعي وفق معايير مختلفة إلى بلوغ المدارج النسبية للكمال .

إن المبحث الحالي سيحاول أن يعرض إلى فحص و تمحيص مختلف التجارب
الدولية التي تجسدت من خلالها عملية إصلاح العدالة و ذلك في نطاق اختيار
طائفة من الدول تتقاطع معها الجزائر تقاطعا جغرافيا أو انتمائيا أو تاريخيا
أو حضاريا و ذلك وفق منظور إقليمي متنوع الأبعاد من خلال المطلبين
التاليين :

- 1 -المقتضيات الداعية لإصلاح العدالة من خلال بعض النماذج الدولية.

إذا كانت مقومات إصلاح العدالة تدور في بعض البلاد حول تحديد المعايير
الضمينة بتأمين دولة القانون من خلال الدعوة إلى استقلالية القضاء عن
الهيئات التنفيذية من أي نفوذ أو ضغط سياسي، وكذا الخوض في مناقشة مسألة
إبعاد وزارة العدل عن تسيير شؤون القضاء من عدمه و التنصيص على ذلك
دستوريا من خلال إطلاق يد المجلس الأعلى للقضاء و تعيين رئيس غير وزير
العدل له ، أو الذهاب حتى إلى انتخاب هذا الرئيس من قبل نظرائه لمدة محددة
و غير قابلة للتجديد، لتنقل مهمة وضع السياسة الإدارية للقضاء لهذا
المجلس من خلال ترقية القضاة و تأديبهم و العمل على نقلهم عند الاقتضاء
في المملكة المغربية الشقيقة . و إذا كان التشديد من قبل المناقشات
الرامية إلى إعطاء تصورات لإصلاح العدالة يصل إلى حد التحدث عن ضرورة
تهيئة مباني جديدة و تعزيز هيكل القضاء من خلال تدعيمه بمزيد من المساعدين
و تأطيرهم، مع ضرورة توفير المزيد من وسائل العمل بالمملكة المغربية
الشقيقة، يمثل أبرز القضايا التي ينبغي الوقوف عندها ، فإن جلالة العاهل
المغربي، قد استغلها فرصة، تلك التي أتيح له تقديم خطاب بمناسبة مرور
الذكرى السادسة و الخمسين على ما يعرف بثورة الملك و الشعب حيث أعلن عن
الخطوط العريضة لانطلاق برنامج إصلاح القضاء ، أين تطرق لعناصر مختلفة من
مكونات نقاط إصلاح العدالة، إلى العنصر البشري حيث وقف على الدور المرتقب
لعبه ليس فقط لمن يحملون صفة القضاء بل إنه آثر أن يبعث برسالة إلى هيئة
الدفاع و تنفيذ الأحكام و محرري العقود من موثقين، دون إغفال ما للضبطية
القضائية من أثر في تحريك دواليب إصلاح العدالة باعتبار رجال الأمن يمثلون
واحدة من أبرز الحلقات التي يتعين وجوبا أن يعبر من خلالها قطار إصلاح
العدالة .

إذا كانت هذه هي أبرز هواجس المهتمين بإصلاح العدالة في المغرب ، فإن
الذي لفت اهتمام نظرائهم بالجمهورية العربية السورية كعنصر أساسي لتأطير
مقتضيات إصلاح العدالة ، إنما هو فلسفة إقرار الثواب و العقاب المتضمنة بين
ثنايا المرسوم رقم 95 القاضي بتسريح عدد هائل من القضاة بالنظر إلى تلكئهم
و تسويفهم في الفصل في القضايا المنشورة أمامهم الشيء الذي أسال كثيرا من
الحبر استحسانا لإقرار جوانب من الردع و الجزاء في عالم القضاة ، الذين
يفترض فيهم أنهم حماة الأخلاق و سدنة الفضيلة .

أما الحديث الدائر في المملكة العربية السعودية بخصوص إصلاح العدالة ،
فإنه قد اختار نسقا ميثاليا صعب التحقيق ، و عسير المراقبة طالما أنه
استند في إصرار و إلحاح كبيرين على مقرات التراث العربي الإسلامي الرامية
إلى سمو القضاة بضمائرهم و ارتقاء الهمة لديهم من خلال الدعوى إلى الوصايا
التي زود بها ثاني الخلفاء الراشدين عامله على اليمن المعروفة بالخطاب
المرسل إلى أبي موسى الأشعري . و أي كانت القيمة الأخلاقية العالية لمثل
هاتيك المثل التي تحدث عنها سيدنا الفاروق رضي اله تعالى عنه و شرحها
الإمام ابن القيم في 4 مجلدات و عرض لمثلها ابن فرحون و طبقها سلطان
العلماء العز بن عبد السلام و القاضي عياض فإن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل
غياب أو قل تراجع الوازع الديني و الإيماني في أيامنا إنما يظل مرتبطا
بفكرة الجزاء وفق المعيار البشري المتعجل لرؤية تطبيقات عملية لفلسفة
الثواب و المكافئة للمحسن ، و العقاب و الردع للمسيء من العاملين في سلك
القضاء و العدالة .

أما ما يزعج المهتمين بالشأن اليمني في مجال إصلاح العدالة في المقام
الأول ، فهو ليق برواتب القضاة في هذه الدولة و كذا المكافئات المصروفة
لمساعديهم . وقد ذهب هؤولاء المهتمون في مناقشاتهم لهذه النقطة لحد القول
إن نص م 147 من الدستور نفسها ، على ما فيها من مناداة لاستقلالية القضاء،
تجد نفسها بالتحول إلى نص لا روح فيه بالنظر إلى ما يستتبع عملية زهد
الرواتب من استشراء للفساد و تفشي للرشاوى داخل هذا الهيكل الأساسي لقيام
أية دولة ، لدرجة إلى أنهم وصلوا إلى القول أنه قد بات من المعلوم لدى
الخاص و العام أنه لا يمكن لأي متقاضي باليمن أن يكتفي و هو يختار اللجوء
إلى العدالة ، بمجرد دفع أتعاب المحاماة و الرسوم القضائية المقررة قانونا
طالما أن ثمة مصاريف تبتزها الوساطات و يطالب بها العاملون في المحاكم في
شكل إيتاوات متداولة سدا لرمق هؤلاء العاملين الذين لا تكاد رواتبهم تجزيهم
لأزيد من 10 أيام الشيء الذي دفع بالكثيرين منهم إلى العمل خارج الدوام
قضاة كانوا أو مساعديهم في تحرير العرائض أو تسهيل الإجراءات ، أو القيام
بأنشطة أخرى بما في ذلك سياقة سيارات الأجرة .

إذا كنا قد وقفنا على بعض النماذج التي شغلت بال المهتمين بإصلاح
العدالة في بعض البلاد العربية ، و انتهينا لاستنتاج أنها تدور بين الجانب
المادي و المالي و الأخلاقي و الإداري ، فإن الوضع على خلاف ذلك تماما
بالنسبة لدولة موغلة في الفقر مثل دولة هايتي. وهكذا فإذا ما نحن جارينا
ما ذهب إليه المحامي الكندي جورج أندي روني ذو الأصول الهايتية ، فإننا
سنصاب للوهلة الأولى بصدمة كبيرة ، عندما نعلم بأن متعاطي القانون في هذا
البلد ما يزالون يتعاملون في المادة المدنية وفق قانون نابليون الذي تم سنه
سنة 1804 و ذلك لمدة زادت عن القرنين. فضلا عن وجود غموض و لبس جعل من
نظرية الفصل بين السلطات في هايتي أمرا غير مجسد على الأقل من الناحية
الشكلية . ذلك أن الوزير الذي تسند إليه عملية تسيير الحقيبة الحكومية
المتعلقة بالعدل ، يضطلع في الآن نفسه بتسيير شؤون الأمن العمومي الأمر
الذي ينعكس على إدارته في الوقت نفسه إلى مرفقي الشرطة و السجون الشيء الذي
يعطي الانطباع بأن الدعوى العمومية تتحرك أول ما تتحرك في أروقة البوليس
باعتبار هذا الجهاز يمثل الضبطية القضائية لتنتهي في بعض الأحيان بعد الفصل
فيها و بعد إدانة التابعين ، بعقاب هؤلاء ووضعهم رهن السجون الواقعة تحت
وصاية نفس الوزير. تداخل من هذا الحجم فإننا نصبح أقرب ما نكون أمام منظر
تلعب فيه الهيئة التنفيذية دور الخصم و الحكم بشكل مقنن . هذا و يضيف
المحامي المذكور أن شح الرواتب المقررة للعاملين في هذا الحقل بهذا البلد ،
ليس من شأنه إلا أن يفتح الباب واسعا أمام هؤلاء ، ليغشوا الفضاء الرحب
لعالم الفساد و الرشاوى. و في مقام آخر و تحت عنوان سرد المفارقات العجيبة
التي تستدعي إصلاح العدالة في دولة هايتي على عجل يمكننا أن نسوق ظاهرة
التباين اللغوي بين النصوص الجاري بها العمل و بين المخاطبين بأحكامها.
فإذا كان من المقبول و المعقول أن تكون اللغة الأكثر انتشارا و استعمالا في
دولة الهايتي ، إنما هي لغة الكريول فإن الذي يدعو إلى التعجب حقا هو سن
القوانين باللغة الفرنسية ، التي لم تعد تتقنها في أحسن الأحوال إلا النخبة
في مثل هذا البلد . و لما كانت الأمية ضاربة بجذورها ، فلا شك أن البون قد
غدا شاسعا بين صياغة النص و المخاطبين بأحكامه،الأمر الذي يمكن أن يفهم
بأنه واحدة من الدعائم التي تجعل الحوار بين أركان الدولة موصوفا بداء
الخرص طالما أن السلطة في أية دولة تقول عن نفسها أنها دولة قانون تتعامل
مع الرعايا بلغة يفترض أنها سلسة و مفهومة لدى أفراد هذا الشعب و أمام هذا
الانسداد كان طبيعيا أن يصبح للعرف و العادات و التقاليد فضلا عن رجال
الدين الأثر الأكبر في حل المنازعات عن طريق القنوات الشفاهية عوض ، اللجوء
إلى استعمال الآليات المعاصرة .ومن عجب أمام الفقر الذي تعاني منه دولة
الهايتي أن يلوم المرء صناع السياسة فيها ، إذا ما هم عجزوا عن رصد
ميزانيات و أغلفة مالية بغية إصلاح العدالة لا سيما و أن هذا البلد، ما
يكاد ينهض من مصيبة و جائحة طبيعية حتى يسقط في أخرى باعتبار تضاريس الدولة
تتسم بالطابع الزلزالي ، الأمر الذي جعل هذا البلد يفقد بمناسبة زلزال
12/01/2010 أكثر من 220 ألف قتيل .

إن المرء الذي يهتم بالشأن الهايتي لا يسعه أن ينحي باللائمة على صناع
السياسة فيه إذا ما هم لجؤوا إلى التعاون الدولي من أجل جلب بعض المساعدات
المادية و الفنية الرامية إلى إصلاح العدالة على مستوى بلدهم، رغم ما يثيره
هذا الأمر من حساسية إذا ما نظر إليه بالمعايير السيادية ، كما حدث ذلك
بمناسبة الاتصال بالهيئة الكندية للتعاون الدولي التي عقدت ندوة تخص إصلاح
العدالة بمدينة أوطاوة يوم 18/04/2008 .

بعد أن وقفنا على نماذج مختلفة، تتقاطع في كونا نماذج تنتسب لدول
العالم الثالث بين غنية كالمملكة العربية السعودية و فقيرة كدولة الهايتي و
بين دولة خارجة من نظام الحماية كالمملكة المغربية ، و أخرى مستقلة عن
نظام الانتداب الجمهورية العربية السورية ، ها نحن نصل بالدراسة إلى الوقوف
عند الدلالات التي تدور بخلد صناع السياسة في العام المتطور ، من خلال
محاولة ترصد الهموم التي تقض مضاجع المهتمين بشأن الإصلاح القضائي من خلال
التجربة الفرنسية ، ذات الأثر و التأثير في نطاق القانون المقارن و بالنظر
إلى البصمات التي تركتها على مختلف الدول التي كانت ترزح في وقت معين تحت
رقبة الاستعمار الفرنسي كما هو الشأن بالنسبة للدول المغاربية التي تعد
الجزائر- موضوع الدراسة الحالي - نموذجا عنها . إن استعراض التقرير الرامي
إلى تشريح الظاهرة القضائية بفرنسا المشكل من 225 صفحة ، و المتوخي إصلاح
القضاء في هذه الدولة المتطورة قد أثار حفيظة بعض الدارسين للشأن القانوني
عندما اختزل بعض الجنح المالية المتعلقة بالرشاوى و استغلال النفوذ من حيث
مدة تقادمها ، و اختار لها مدة 6 سنوات . بل لقد تضايق هؤلاء النقاد أكثر
عندما لاحظوا أن التقرير المذكور قد نزل في باب خيانة الأمانة كجنحة
متداولة بين المنتخبين و أعوان الإدارة إلى مدة 3 سنوات ، في حين أن تكيفات
مماثلة على قضايا شبيهة بما نحن بصدده قد حصل تحريكها رغم مضي سنين طويلة
على ارتكاب أفعالها كما هو الشأن بالنسبة لقضية الألف، و قضية التوظيف
الوهمي لأعوان بلدية باريس ، كما تذهب إلى ذلك وكالة أنباء رويترز .

إذا ما نحن تتبعنا اللغط الذي تسبب فيه قرار وزيرة العدل و حافظة
الأختام الفرنسية السابقة رشيدة داتي ، و المتعلق بإعادة النظر في الخارطة
القضائية عبر التراب الفرنسي ، فإننا نسجل اتجاه إرادة الجهاز التنفيذي
بفرنسا إلى غلق 17 محكمة استئنافية و إيصاد 178 محكمة ابتدائية و تعطيل 62
مجلسا يضطلع بتأمين القضاء الاجتماعي ، و توقيف العمل أمام 55 محكمة تجارية
و إلغاء 85 كتابة ضبط ، علاوة عن نسف ما يعرف بالقضاء الجواري جملة و
تفصيلا . و هكذا فإن مشروع الخارطة القضائية المنسوب للسيدة رشيدة داتي ،
سيعصف ب 819 مؤسسة قضائية مما يجعل من الناحية الاقتصادية أن الدولة
الفرنسية ستربح خزينتها ما تصل نسبته إلى 32 بالمئة من المخصصات التي كانت
مرصودة بمجموع المؤسسات القضائية المنتشرة عبر طول البلاد و عرضها . و من
الملاحظ أن مثل هذا التقرير و ما سيترتب عليه من آثار و انعكاسات قد استدر
حملة من التذمر و السخط ، تم التعبير عنها بأساليب سياسية من خلال إصدار
بيانات تنديد و مناهضة حررها المحامون و القضاة رفقة المنتخبين المحليين
لدى بعض الدوائر الإدارية المضارة من اتخاذ مثل هذا القرار . كما عكفت من
جهة المنظمات الجهوية المختلفة لمحامي فرنسا على رفع دعاوى أمام المحاكم
الإدارية و مجلس الدولة الفرنسي الذي رفض ما يزيد عن 115 دعوة منها التي
رفعت أمامه من مختلف الجمعيات الأهلية الممثلة لعشرات البلديات و الإدارات
التي استاءت كأسوأ ما يكون الاستياء بالتراجع عن المكتسبات التي حققتها
منظومة القضاء الجواري، الأمر الذي دعا هؤلاء المتقاضين إلى الارتكان إلى
المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أملا في الاستجابة إلى الطلبات المرفوضة من
لدن القضاء الفرنسي .

إن الخلاصة التي يمكن أن نختم بها تعليقنا على هذه التجارب المعروضة
تقودنا إلى تقرير أن ثمة اختلاف في النظر إلى ما تعنيه فكرة إصلاح العدالة
بين بلد و آخر لتباين الأولويات و تأثر دول أخرى بالجانب الاقتصادي الذي قد
يضطرها إلى تأجيل البت في المسألة ، أو الالتجاء إلى التعاون الدولي قصد
الحد من الأضرار الناجمة عن عدم السعي إلى إصلاح العدالة . وهكذا فإنه أتيح
لنا أن نفهم أن إصلاح العدالة كظاهرة سياسية و اجتماعية هي مسألة ملحة لدى
أعضاء المجتمع الدولي على اختلاف المقدرات و تبتين الإمكانيات . كما أن
الذي رشح من خلال دراسة هذه النماذج هو أن ثمة رغبة في إنصات بعض الدول
المتطورة لبعض الدول المتخلفة و تحسس مشاكلها عملا على مد يد العون لها من
أجل مواكبة إصلاح العدالة كمقتضى تستدعيه عملية العيش في ضل دولة قانون
تستأهل أن توصف فعلا بأنها دولة قانون .

- 2- خصوصية التعاطي مع ظاهرة إصلاح العدالة بالدول الإفريقية .

إذا ما نحن اخترنا معالجة ظاهرة إصلاح العدالة بإفريقيا، فإننا نكون قد
فعلنا ذلك بغية الإحاطة بالسياق المكاني و الحضاري الذي تنبع منه التجربة
الجزائرية - موضوع دراستنا الحالية - باعتبارها بوابة لهذه القارة . وعليه
فإن الإجماع منعقد لدى الباحثين في الأنتربولوجيا أن القارة الإفريقية ،
إنما هي مهد للحضارة الإنسانية ، الأمر الذي يفسر التصاق ثقافة المقيمين
بهذه القارة بالفكر الشفاهي و العقلية العرفية، و من هنا كان مفهوما غياب
الوثائق و شح المراجع التي من شأنها أن تشبع نهمنا بخصوص البحث في ظاهرة
إصلاح العدالة بإفريقيا ، و التأريخ لتشكل المنظومة القضائية كوظيفة
اجتماعية لا غنى عنها .

إن الثابت أن المؤسسة الدينية قد لعبت دورا كبيرا في باب حل المنازعات
بين مختلف الأطراف لا سيما قبل وصول الفتوحات الاستعمارية التي يحب كثير
من الأفارقة أن يؤرخ عند الحديث عنها بمؤتمر برلين المنعقد يوم 26/02/1885 .
إذ تم بمناسبة المؤتمر المذكور إقرار المبدأ الدولي الغريب القائل بنظرية :
أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض )،كما استغلت المناسبة لتوزيع مختلف الدول
الإفريقية على أكبر الإمبراطوريات الاستعمارية . و إذا ما نحن أردنا الحديث
عن الدول الإفريقية ذات الصلة الأخف بأنواع الاستعمار ، فإنه يمكننا اتخاذ
دولة ليبيريا مثلا ، التي و إن لم يتم استعمارها بشكل جلي، إلا أن ساستها ،
قد أمسكوا بتلابيب صناع السياسة الأمريكية، لدرجة أن بدت هذه الدولة أقرب
ما تكون لدولة محمية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، فكان التأثر
بالنموذج الأمريكي في صياغة منظومة قضائية داخل ليبيريا أمرا مستصاغا على
مستوى نظرية التأثر و التأثير أما بخصوص دولة من قبيل الكونغو ، فإن الذي
يذكر بشأنها هو أنها شهدت سن مرسوم 17/01/1886 الذي كرس أول تنظيم قضائي من
خلال بعث أول قانون عقوبات يعنى ابتداءا و انتهاءا بمخاطبة الأوربيين من
المقيمين في الكنغو دون من سواهم من السكان الأصليين الذين ظلوا أسرى
لتطبيق ما تواضع عليه الأفارقة عند التقاضي من التجاء إلى زعمائهم
الاجتماعيين و الدينين ، مطبقين في شأنه ما تقضي به العادات و التقاليد و
الأعراف.

أما غداة دخول حركة تصفية الاستعمار حيز النفاذ في أعقاب العقد السابع
من القرن الماضي ، فإن الذي لفت الانتباه هو ما قامت به فيدرالية المالي ،
عندما استهدفت توحيد النصوص القانونية مع ما هو جار به العمل لدى كل من
السنغال و السودان . فظلا عن دخول دول غرب إفريقيا في إبرام معاهدة بتاريخ
12/09/1969 في عملية إنشاء دولا سمت نفسها بالدول الإفريقية الزنجية .

إلى جانب عنصر الزنجية هذا الذي كان عنصر تقاطع في النظرة إلى صياغة
القوانين و التأسي للأنظمة القضائية ، لا يمكننا إهمال ضعف الإمكانيات
لدى الدول الإفريقية منظورا إليها تحت المظلة الاقتصادية ، الشيء الذي جعل
عملية النظرة إلى القضاء إجمالا تبقى مضبوطة بمنطق المساعدات التقنية
الأوربية ، رغم ما لمثل هذا الأمر من حرج بالمفهوم السيادي للكلمة . و لا
شك أيضا أن لعامل التوزيع السكاني غير المتناغم داخل الدولة الواحدة و
ما يستتبع هذا الأمر من إيحاء تمليه عقلية البدو الرحل من أثر على تكوين
المؤسسة القضائية ، و لا غرابة من جهة أخرى بالنظر إلى شح الإمكانيات أن
يثور جدل داخل هذه الدول ، ليتعلق فيه الأمر بمفهوم الجهاز القضائي من حيث
كونه مفهوم لصيق بالقضاء كسلطة تقوم عليها أية دولة بالتوازي مع السلطة
التشريعية و التنفيذية كما هو شائع الأمر بالنسبة لليبيرالية الغربية ، أو
أن الأمر على خلاف ذلك يختزل باعتبار الجهاز القضائي وظيفة ، تسهر الدولة
على تأمينها كما هو متداول لدى ما يعرف بالديموقراطيات الشعبية وفق النظرية
الماركسية .

أما التجربة التي وقف عندها القانوني الكونغولي سيليستان تانا بانو ،
فإنها ارتبطت ببلاده أيام كانت تسمى جمهورية الزائيير ، حيث ذكر أن هذه
الدولة قد شهدت سن قانون يحمل رقم 68/48 و ذلك يوم 10/08/1968 في أعقاب
الانقلاب الذي عرفته الزائير عام 1965 . و مما يجمل ذكره هو أن هذا القانون
قد سعى إلى إنشاء تنظيم قضائي و ترتيب اختصاص إقليمي أتيح من خلاله لقضاة
الزائير العمل على التجاوب مع الحقائق الاجتماعية السياسية التي أتى بها
انقلاب موبوتوسيسيسيكو. و هكذا حصل أن اجتمع بسعي من النظام الجديد
بالزائير 202 كاتبا لمدة أسبوع كامل تباحثوا خلاله في مختلف المقومات
الأصلية للقيم و التقاليد المنقوشة في الذاكرة الجماعية في شكل عادات و
أعراف ليتم نقلها إلى مصاف القواعد القانونية المكتوبة التي يتعين على قضاة
الحكم النظر وفقها و الفصل في سياقها باعتبار القواعد القانونية ترجمانا
للنواميس الاجتماعية التي تحكم أفراد هذا المجتمع و جماعاته و فعالياته
الأخرى، أو ذاك في ظل المراعات المنطقية للفروق الموجودة و السياقات
المفروضة .

الخلاصة :

بالعودة إلى كل ما تقدم يتضح أن مسعى إصلاح العدالة ، لا يعدو أن يكون
ظاهرة سوسيولوجية و سياسية ، يتعين النظر إليها في ظل سلم الأولويات
المفروض على هذه الدولة أو تلك تأثرا بالطبيعة الجغرافية، و المقدرات
الاقتصادية، و الاستقرار السياسي ، و المخزون الحضاري المودع بين طيات
الذاكرة الجماعية في شكل قيم و مثل و عادات و تقاليد مطعمة ببصمة دينية
ترتفع وتيرتها أو تنخفض بحسب طائفة من الظروف تتداخل فيها دلالات الحداثة و
المضايقات الاستعمارية و مستوى الأمية و ما إلى ذلك من العناصر التي تشكل
السلوك العام لهذا المجتمع أو ذاك . و هكذا تبين لنا أن عنصر العولمة و
عامل الانقلاب السياسي ، و الشعور بالانتماء إلى هذا العرق أو ذاك قد أخذ
نصيبه كما، افتك الفساد الناجم عن ضعف الرواتب الممنوحة للعاملين في حقل
القضاء و غياب الوازع الديني ، مكانته ضمن الدواعي الكبرى للقيام بإصلاح
العدالة .و مع كل ما تقدم فقد لاحظنا أن الدول الأكثر تطورا قد قفز فيها
الاهتمام إلى الدخول في منا قشات تبدو للدول المتخلفة و كأنها مناقشات ترف ،
إذ أن العجز الذي تشهده بعض الدول العربية مثلا في إنشاء المباني الحاضنة
للمؤسسات القضائية ، قد قوبل في بعض لدول الغنية بعملية تقليص و مراجعة
للخارطة القضائية . و في الوقت الذي ما تزال بعض الدول تتعاطى مع قوانين قد
مضى على سنها أزيد من قرنين، يصل الجدل في دول أخرى إلى البحث في ما إذا
كان ضروريا الإبقاء على قاضي تحقيق وحيد ، أم أنه يتعين تعزيزه بإنشاء منصب
قاضي مختص بصون الحريات ، أم الأمر يكون أفض لو أن النيابة لعبت دور قضاة
التحقيق ؟ و بصرف النظر عن هذا الجدل أو ذاك فإن الذي انتهينا إلية في هذه
الدراسة إنما هو الإقرار بتسليم و جود أولويات و تباينات ، بعضها يكاد يكون
في حكم التركة الاستعمارية الموروثة ، و التي يتعين التعاطي معها في ظل ما
هو متاح من إمكانيات ، وبعض هذه الأولويات نجده مختلقا بمناسبة عمل داخلي
يعود فيه الدور الأول إلى اختيارات الأنظمة السياسية غداة حدوث انقلاب ما
أو نشوب هزات اجتماعية تزلزل الاتجاه العام الذي أدت في ضوئه الأنظمة
السياسية مثلا تجاهل إصلاح العدالة أو اعتبار مثل هذا الأمر قابلا للتأجيل .

ثانيا : التجربة الجزائرية في إصلاح العدالة .

إذا كانت بعض الدول تعتبر أن مجرد سن دستور أو تعديله ، أو وضع قانون
مدني أو قانون عقوبات ما يعتبر في حد ذاته المظهر الأبرز في إصلاح العدالة
فإن الجزائر و بعد مضي أقل من نصف قرن على استقلالها قد آمنت أن الإصلاح
المتوخى في باب العدالة ، إنما هو إصلاح متعدد الأوجه و متنوع الأبعاد ،
كونه يستهدف ابتداءا و انتهاءا بعث مناخ كامل و شامل يستوعب التغيرات
المرتقبة و التي لن تستثني المحيط القضائي بمكوناته الإجمالية ، سعيا للدنو
من تحقيق شعار دولة القانون. و في هذا السياق ستسعى الدراسة الحالية
للوقوف عند أبرز عنصرين اتخذت منهما الجزائر مرجعا لتصويب العدالة و ذلك في
شكل ورشة عمل كبيرة يمكن التأريخ لها ابتداءا من مطلع القرن الحالي ، على
أن الشروع الفعلي لرسم أهم الملامح لهذا الإصلاح قد تم الاستهلال فيه سنة
2005 ، حيث تم إقرار العمل وفق تهيئة الجوانب المادية و القانونية الرامية
إلى إصلاح العدالة و هذا ما سنناقشه من خلال المطلبين التاليين :

1- : التركيز على الجوانب المادية إصلاحا للعدالة في الجزائر .

إن المقصود بالجوانب المادية في هذا المستوى من الدراسة ، إنما هي تلك
الطائفة من العناصر الضروري توفيرها في بيئة القضاء ، إعمالا لمبدأ
استقلالية . و غني عن البيان ، أن القضاة المتعبين ماديا ، المرهقين مهنيا ،
ألمرعوبين تأديبيا لا يمكن أن ينتظر منهم أداء يليق بمقام دولة القانون و
عليه.فإن الجزائر إذ استوعبت هذا النوع من المطالب المشروعة للعاملين في
محراب العدالة إنما تكون قد ضبطت لهم الإطار الذي يتعين في ضوئه أن يعرفوا
تحسن مسارهم المهني من خلال المقرارت التي ينتهي إليها جهاز المجلس الأعلى
للقضاء الذي يرأسه رئيس الجمهورية خلافا لما تدعو إليه أبجديات فلسفة الفصل
بين السلطات .

إن المجلس المذكور يضطلع بترقية القضاة و نقلهم و تأديبهم بعد تعيينهم
و ترسيمهم ، و إلحاقهم بالخدمة ، كما أنه هو الذي ينهي مهامهم عند
الاقتضاء .

و في نطاق تعزيز المكانة الاجتماعية منظورا إليها تحت المظلة المادية
للقاضي يمكن التنويه بأن هذا الأخير قد كفل له القانون الأساسي للقضاء
الراتب المحترم و المسكن الوظيفي و التقاعد الضمين بإبقائه بعيدا عن
المؤثرات الاجتماعية باعتباره قد خدم مرفق القضاء في يوم ما لدرجة أن هذه
الامتيازات جميعا باتت تقارن بنظيرتها المقررة للإطارات السامية في الدولة
. كما أن معنى الامتيازات الاجتماعية المقررة للقضاة ، قد امتد ليشمل
إمكانية تمديد خدمتهم بعد بلوغهم سن التقاعد باعتبارهم كفاءات تملك خبرة
موثوقة ، للبلاد أن تستثمرها كأحسن ما يكون الاستثمار ما لم يعبر القضاة عن
ما يخالف ذلك . و من الجدير بالذكر أن مفهوم الخدمة الاجتماعية المقررة
للقضاة قد وصل إلى حد سن قوانين في شكل مراسي و قرارات وزارية مشتركة
تستهدف إفادتهم بقروض ميسرة تمكينا لهم من اقتناء بعض السيارات أو القيام
ببناء بعض المساكن . كما أن نفس هذه القوانين قد أقرت لهم نظام دفع بدائل
الأجور إن تطلب الأمر ذلك . ومن المفيد الإشارة إلى كون القضاة قد استفادوا
عند تنقلهم لحضور ملتقيات أو دورات تكوينية من إنشاء فندق يضمن لهد
الإطعام و الإيواء المريح الذي يتسق مع المقام الاجتماعي الذي يراد لهم أن
يتبوءوه في خضم السلم الاجتماعي الجزائري. كما أن معنى الاستقرار المنشود
في الحياة الاجتماعية قد طال قضاة الحكم الذين يكونون قد أمضوا في الخدمة
ما لا أقل عن 10 سنوات على خلاف ما هو عليه الوضع بالنسبة لقضاة النيابة . و
في مجال الحماية المتعلقة بالمتابعات التأديبية التي قد يكون القاضي عرضة
لهل،فإن هذا الأخير بموجب نص م 149 من الدستور لا يعتبر مسئولا عن الأخطاء
المنسوبة إليه إلا أمام المجلس الأعلى للقضاء و ذلك وفق إجراءات محددة
قانونا يتاح له بمقتضاها الإطلاع على ملفه التأديبي و اختيار دفاعه من بين
زملائه أو أحد محاميين فضلا عن كون القانون قد ضمن له أن يحاط علما
بالتقرير المعد ضده من طرف أحد القضاة الذين يحوزون درجته المهنية ناهيك عن
عدم جواز إشراك ممثلي الإدارة المركزية بوزارة العدل عندما يتعلق الأمر
بمداولات تفصل في الدعوى التأديبية المحركة ضد هذا القاضي أو ذاك . و
لعل الحماية الجزائية المقررة في قانون العقوبات على وجه الخصوص للقضاة تحت
عناوين إهاناتهم وقذفهم و التقليل من أحكامهم ، دليل إضافي على الحرص الذي
يوليه المشرع لشرف القضاء مرفقا و أعوانا .

و على ذكر العناية بأعوان القضاء، فإنه يمكن التذكير بأن جهودا معتبرة
تقوم بها الدولة الجزائرية من أجل الحصول على كفاءات قضائية نوعية بدءا
بإنشاء مدرسو وطنية للقضاة و تنظيم مسابقة صارمة لانتقاء من سيفوزون بشرف
الانتساب إلى هذا السلك من أجل تزويدهم و هم طلبة متربسون لأبجديات العمل
القضائي باعتبارهم قضاة حكم و قضاة نيابة . و ديدن التكوين هذا لا يغادر
حتى حياة القضاة الممارسين طالما أنهم ، لا يفتئون يمرون من تكوين إلى آخر
سواء على مستوى مجالسهم أو على مستوى المحكمة العليا أو إعادة استدعائهم
للقيام بعمليات رسكلة مواكبة لأحدث التشريعات في شكل تكوين داخلي و تخصصي
فضلا عن حصول بعضهم على تكوينات في الخارج تماشيا مع ما يمكن أن نسميه
بالتطورات التي يشهدها القضاء المقارن .

أما على مستوى مساعدي القضاء ، باعتبارهم عنصرا مفصليا في تسيير هذا
الهيكل ، فإن الذي يمكن قوله أن هؤلاء المساعدين ينقسمون ما بين كتاب
أمانات ضبط المحاكم و المجالس و كذا مجلس الدولة و المحكمة العليا و من
يعرفون بموظفي الأسلاك المشتركة و العاملين المهنيين . و الواقع أن وظيفة
كاتب ضبط تقود إلى القيام بأعمال إدارية و أخرى قضائية الأمر الذي استدعى
في مرحلة أولى الاكتفاء بتكوينات كانت مضمونة محليا لدى ما كان يعرف بمعاهد
التكوين الإداري ، غير أن إلغاء هذا النوع من المعاهد من جهة ، و تزايد
الحاجة إلى تكوينات أرفع دعى وزارة العدل الجزائرية إلى إنشاء مدرسة وطنية
لكتاب الضبط أسندت إليها عملية التكوين هؤلاء الفاعلين الأساسين في هيكل
العدالة و إعادة رسكلتهم بين حين و آخر على المستوى المهني التخصصي و كذا
المستوى المعلوماتي الحاسوبي و على الرغم من وجود نقاط باهتة في مجال
الحديث على كتاب الضبط ، من حيث تجاوز حجم العمل. حجم القضايا المنشورة
أمام هياكل القضاء ، و توقف مصالح وزارة العدل عن توظيف العاملين في كتابة
الضبط ، في ظل الاستمرار في تعيين المزيد من القضاة ، لدرجة أن حدثت
إختلالات وظيفية في أداء الخدمة إلا أن هذه الوزارة سرعان ما تداركت الأمر
بعد سنة 2002 باللجوء إلى آليات توظيف المتخرجين من الجامعة في نطاق آليات
الإدماج المهني و تشغيل الشباب و ما يعرف بالشبكة الاجتماعية لمنحهم في وقت
لاحق حق الأولوية عند إعداد و تنظيم مسابقات تخص العاملين في سلك كتاب
الضبط . ومن المفيد القول بأن وزارة العدل قد اعترفت بأن الوقت قد حان
لتسوية أوضاع العاملين في هذا السلك اجتماعيا و مهنيا بالرفع من رواتبهم و
تمكينهم من دورات تكوينية داخل الجزائر و خارجها لا سيما و أن الجزائر قد
أبرمت اتفاقيتين مع المدرسة الوطنية لكتاب الضبط بفرنسا و بلجيكا في نطاق
التعاون الدولي .

إن الصنف الثاني من العاملين في محراب العدالة مما يعرف بموظفي
الأسلاك المشتركة و الموظفين المهنيين المتخصصين ، قد عرف هو الآخر عناية
من حيث الاهتمام بتكوينهم داخل البلاد و خارجها لا سيما ما تعلق منهم
بالمهندسين و التقنيين الساميين في مجال الإعلام الآلي حيث استفاد هؤلاء
أيضا من دورات تكوينية تم تنظيمها من قبل مدارس التكوين المهني و المديرية
العامة للأرشيف الوطني و المكتبة الوطنية لمؤسسة الإنتاج الصناعي و ما إلى
ذلك .

إذا سلمنا بأن التحول الاقتصادي الذي جاء به دستور 1989 ، توخى في ما
توخاه الدخول في مرحلة جديدة تتخذ من الانفتاح على القطاع الخاص و
الاستثمار الأجنبي ، فإنه كان طبيعيا أن ينفتح قطاع مساعدي العدالة منظورا
إليه من زاوية التوثيق على إقرار نظام المهنة الحرة لمثل هذه الوظيفة . و
هكذا و في غضون أقل من عقدين من الزمن تم سن قانونين عني الأول منهما
بالتوثيق كمهنة عندما تم إقرار قانون 88/27 الصادر في 12/06/1988 ، ليتم
تصويب الموقف لا حقا من خلال العناية بالموثق باعتباره العنصر البشري الذي
تقوم عليه ذه المهنة وفق أحكام القانون رقم 06/02 الصادر في 20/02/2006 . و
في ضوء الرؤية الجديدة لمهنة الموثق تم تنظيم هذه المهنة من خلال إقرار
تكوين للعاملين فيها و ذلك بمنحهم في نهايته شهادة كفاءة حتى يتسنى لهم
مزاولة هملهم الذي باغتت عملية مراقبته في مجال المحاسبة و مسك السجلات و
ضمان القيام بالتأمين تحسبا لما قد ينجر عن المهنة من أخطاء تثبت مسؤولية
الموثق .

لقد اهتمت الإصلاحات الجديدة بمكافحة البيروقراطية و البطء المسجل الذي
كان يؤثر سلبا على أداء العملية التوثيقية أيام كانت هذه الأخير تابعة
للقطاع العام ، غير أن إنشاء غرف جهوية و أخرى وطنية ريثما يتم المجلس
الأعلى للتوثيق إنما قصد به تحسي الخدمة و غل أيدي الموثقين خشية ارتكاب
تجاوزات تقودهم إلى المثول أمام الهيئات التأديبية الجهوية التي يجوز لهم
عند الاقتضاء الطعن في قراراتها أمام لجنة وطنية أنشأت خصيصا لهذا لغرض
ناهيكم عن فرضية الذهاب عند الاقتضاء إلى مجلس الدولة باعتباره الهيئة
الناظرة ابتداء و انتهاء في ما يرفع لديه من طعون تتعلق بالقرارات
التأديبية الفاصلة في الدعاوى المنظور فيها أمامها . و مما يستحق الاستحسان
من جهة أخرى هو انفتاح مهنة التوثيق على التعاون الدولي من خلال إقرار
اتفاقية بين الغرفة الوطنية للموثقين بالجزائر و نظيرتها بفرنسا ، مثل هذا
التعاون كمثل التعاون الناجم عن عملية التوأمة التي أبرمتها الغرف الجهوية
الجزائرية للتوثيق مع مثيلاتها بالجمهورية الفرنسية .

و من المهم الاعتراف بأن المساعي الرامية لتزويد مهنة التوثيق بمدرسة
وطنية لضمان التكوين ، ما من شأنه إلا أن يزيد مسألة إصلاح العدالة متانة
بالجزائر . و على المستوى الكمي ، و أمام تزايد الحاجة إلى أعداد إضافية من
الموثقين لن نكون مبالغين ، إذا نحن أشدنا بالنتائج الإيجابية التي أعقبت
تنظيم مسابقة للموثقين سنت 2008 فاز من خلالها نحو 1000 موثق بحق فتح مكاتب
لمزاولة هذه المهنة .

و على غرار مهنة التوثيق ، فإن مهنة التنفيذ أيضا هي الأخرى و في غضون
أقل من 20 سنة عرفت سن قانونين استهدفا خصخصة القطاع انسجاما مع ارتفاع
الأعداد الهائلة من الأحكام القضائية التي ظلت معلقة و إن باتت ممهورة
بالصيغة التنفيذية الشيء الذي حدا بالمشرع الجزائري إلى سن قانون 91/03
المنظم لمهنة المحضر القضائي ، غير أن مضي 15 سنة من تطبيقه كان كافيا
لتسجيل جملة من النقائص دعت إلى ضرورة مراجعته و الاستعاضة عنه من خلال سن
القانون رقم 06/03 الذي وسع من الاختصاص الإقليمي لعمل المحضر القضائي إذ
عوض أن يكون منحصرا كما كان في القانون القديم في ظل الاختصاص الإقليمي
للمحاكم ، تم تمديده ليشمل مختلف دوائر المجلس القضائي الواحد تيسيرا
للمتقاضين و فسحا لباب الاختيار بين مجموع المحضرين العاملين في الإقليم
محل الحكم أو القرار موضوع التنفيذ . بل إن يد السادة المحضرين من الناحية
النوعية قد تم مدها لتطال التبليغات و التكاليف المتعلقة حتى بالدعاوى
الجزائية ، على أن هذه الطائفة من المهنيين قد ضبط نشاطها برقابة تمارسها
عليهم هيئة النيابة و كذا ممثلي غلافهم الجهوية التي أنشأت لتأمين أخلقة
المهنة و تأطيرها أسوة بما يحدث لدى الموثقين و ذلك من خلال اختيار ممثليهم
بالغرف الجهوية أو الوطنية حيث توجد مجالس و لجنة تأديبية تنهض بضبط
التجاوزات و الانحرافات المنسوبة للعاملين في هذا الحقل مع ما يستتبع ذلك
من حق هؤلاء في تأمين الدفاع على أنفسهم أمام هذه الهيئات و عند الاقتضاء
أمام مجلس الدولة إن هي تقطعت بهم السبل و الأسباب أمام ما قد يطالهم من
إنذارات أو توقيف نهائي أو شطب من جدول الممارسين في شكل عقوبات تأديبية
يمكن أن يكونوا عرضة لها، غير أن الملاحظ و المتتبع للمتابعات التي يكون
عرضة لها الموثقون، سيصدم حتما بحقيقة أن لفيفا كبيرا من هؤلاء الموثقين قد
تجاوزت عملية ملاحقاتهم الجزائية تارة تحت عنوان المشاركة في تصريحات
كاذبة ، و تارة أخرى تحت عنوان التزوير ، و في الغالب كانوا محل ملاحقات
جنائية أدين الكثير منهم على أساس المادة 215 من قانون العقوبات الجزائري
التي تعاقب الضباط العمومين و من كان في حكمهم بعقوبات و صل بعضها إلى 10
سنوات أو أزيد مما جعل الإقبال على هذه المهنة تراجعا ملموسا .

حتى تكتمل حلقة الإصلاح الرامي إلى تحسين أداء مرفق العدالة ، كان
طبيعيا الاهتمام بهيئة الدفاع باعتبارها الشريك الذي لا مندوحة عنه ، على
أساس أن العاملين في حقل المحاماه إنما هم الأشخاص الساهرون على مراقبة
أعمال القضاء الجالس و قضاء النيابة و انسجام ذلك مع الفلسفة الدولية
الرامية إلى ترقية حقوق الإنسان . و على الرغم من أن الإصلاح الذي تنشده
الجزائر قد كان في مضمار العدالة بالقياس إلى الحرب الأهلية التي طالت
البلاد سريعا ، بدليل ما أسلفنا عنه عند الإشارة إلى تحسين الظروف المادية
للعاملين بالقضاء و مساعديهم إلا أن الوتيرة نفسها لم يشهدها الإصلاح
المرتقب في مجال مراجعة قانون المحاماة . بل إن بعض المنتسبين لهذه المهنة
لا يرون داعيا في الوقت الراهن إلى اعتبار القانون 91/04 الصادر يوم
08/01/1991 في حاجة إلى المراجعة طالما أن هذا القانون لايكاد يختلف عن
غيره من القوانين الجاري بها العمل في نطاق القانون المقارن ، و مع ذلك فإن
المشروع الذي يراد له أن يرى النور لا حقا يحدثنا عن إزماع الدولة
الجزائرية على إنشاء مدرسة وطنية لتكوين المحامين ، عملا على رفع أداء و
مردود هيئة الدفاع ، غير أن الجدل الذي دار حول فرضية منع أساتذة الجامعة
من ممارسة المحاماه إلى جانب التعليم العالي قد خلق تململا لا شك أن له
تأثيره على إرسال المشروع إلى غرفتي البرلمان لمناقشته و التدارس بشأنه قبل
سنه .

-2-: إصلاح العدالة الجزائرية من خلال تطوير المنظومة القانونية

انطلاقا من مبدأ هرمية القوانين كان طبيعيا أن يفكر العاملون على إصلاح
العدالة في الجزائر في ضرورة انسجام المنظومة التشريعية الوطنية مع ما تكون
قد انتسبت إليه الجزائر من اتفاقيات و معاهدات دولية ، انسجاما مع نص م
132 من دستور البلاد التي قررت صراحة سمو المعاهدة الدولية على القانون
الداخلي. و في مقام ثان كان على الموكول لهم الخوض في معركة إصلاح العدالة
أن يحترموا فلسفة سمو النصوص الدستورية على ما عداها من التشريعات الأخرى .
و في هذا السياق يمكننا التنويه بأن إصلاح العدالة في الجزائر قد استلهم
في نطاق مواكبة ما انتهى إليه المجتمع الدولي عن طريق بعض المعاهدات ما من
شأنه أن يحمي أعضاء المجتمع من الآفات التي تقض مضاجع كثير من الشعوب كما
هو الشأن بالنسبة لمكافحة المخدرات و تبييض الأموال و تجريم الفساد و ما
شاكل ذلك .

و عليه فإن الجزائر قد أقرت بمقتضى سنها القانون 04/18 مبدأ مجابهة
تعاطي المخدرات على اختلاف و تنوع أشكالها بما في ذلك ما تعلق منها
بالمؤثرات العقلية ، مقررة في الوقت نفسه إلى جانب المعالجات العقابية
طائفة من التدابير و الإحترازات كما هو الشأن في إنشاء المراكز التي تعنى
بمعالجة هذه الأنواع من السموم و استئصالها من أجسام المتعاطين أسوة بما
قررته الاتفاقية الدولية التي انضمت إليها الجزائر بعد إبرامها سنة 2003 .

و في نفس السياق و انسجاما مع التعهدات الدولية قامت الجزائر بسن قانون
يستهدف مكافحة تبيض الأموال بموجب النص الصادر تحن رقم 05/01 المؤرخ في
06/02/2005 ، تناغما مع التوجه الاقتصادي الجديد الرامي إلى التحكم في حركة
الأموال و تداول هذه الأخيرة خارج الأطر المصرفية و بأشكال غير مأذون بها
قانونا ، على أن هذا القانون عندما تم سنه جاء في أعقاب سلسلة من
المصادقات التي قامت بها الجزائر بخصوص بعض المعاهدات الدولية الرامية لوأد
جرائم الإرهاب و قمع ظاهرة الجرائم المنظمة و العابرة للأوطان ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aadala.keuf.net
JUSTE




عدد المساهمات : 3625
نقاط : 12104
السٌّمعَة : -2
تاريخ التسجيل : 02/01/2010
العمر : 54

إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين   إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين Emptyالإثنين أكتوبر 22, 2012 1:30 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aadala.keuf.net
 
إصلاح العدالة في الجزائر بين مقتضيات المواكبة و دواعي التحسين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ميثاق إصلاح العدالة.. جميل ولكن!
»  الرميد يصف الحوار الوطني حول إصلاح العدالة بـ"غير المسبوق"
» استمرار شدّ الحبل بين نادي قضاة المغرب وهيئة إصلاح العدالة
» إصلاح العدالة .. حصاة في حذاء حكومة بنكيران في 2014
» محامون يرفضون"إصلاح العدالة" والرميد يصف موقفهم بـ"الغامض"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
AADALA :: مقالات في الصحف-
انتقل الى: