اسمح لي أخي عبد الحكيم أن أبدي بعض الملاحظات حول ما كتبت
أولا : لقد استعملت مفهوما أو شعارا يتغنى به كل من يجد نفسه أمام كاميرا أو ميكروفونا لإحدى وسائل إعلام رسمية ، و إلا فما هو في نظرك قضاء القرب ؟ وهل يمكن أن يتحقق في هده المملكة السعيدة ؟ وهل هو مفهوم جديد كما يتبين لك ؟ يا سيدي احذر من الوقوع في مصيدة استعمال مثل هده الشعارات الموجهة للإستهلاك ليس إلا ، وعليك ألا تنسى ان مفهوم إصلاح القضاء الدي يتميز بنوع من الجدة دخل هو أيضا ضمن هده الشعارات الجوفاء
ثانيا : اسمح لي أن أستفسرك عن مقصودك بضرورة إعطا عناية لحاملي الإجازة في تفعيل هدا المفهوم ، وفي هدا الصدد إسمح لي أن أطرح عليك سؤال جوهري مفاده هل هناك من دور للشهادة أو الكفاءة العلمية أثناء العمل بكتابة الضبط ؟ فمن خلال تجربتي في هدا المجال استغربت كيف تلجأ وزارة العدل لتوظيف أطر حاملي الشواهد العليا للعمل في هيئة كتابة الضبط التي يتميز العمل فيها بمبدأ إملأ الفراغ بما يناسب ، فهناك سجلات فارغة وجداول ومطبوعات عليك بالقلم الأزرق لملإها، بل إن كاتب الضبط داخل الجلسة لا يتحمل أية مشقة مادام أنه سيتلقى كلمات إملاء من القاضي حيث سيدكره دلك بأيام الطفولة المدرسية التي يكتب فيها المعلم نصا ويغلق أجنحة السبورة ليعود إلى النص بعد إكتمال الإملاء بهدف التصحيح ، فأنا شخصيا وبالرغم من كوني من حاملي شهادة عليا تفوق حتى الإجازة واجتيازي لمباراة المنتدبين القضائيين ودخولي إلى العمل بكتابة الضبط ،أحس بنوع من التيه والضياع وأحس بان كفائتي العلمية ومستوى الشهادة المحصل عليها لم يكن له أي اعتيار إدا كان العمل هو ملئ الفراغ بما يناسب وملئ المطبوعات التي لاتكون لها أية قيمة إلا بعد التوقيع عليها من طرف من له الصلاحية في دلك ، فما قيمة المنتدب القضائي الذي لا يستطيع إخراج توجيه تبليغ الإستدعاء إلى الجهة المكلفة بالتبليغ إلا بعد التوقيع عليه من طرف نائب وكيل الملك ، وكيف يمكن ان نصلح القضاء بهده البيروقراطية الفارغة المحتوى ،لمادا إدن يتم التمييز بين أطر الوزارة أثناء التوظيف ليتم المساواة بينها أثناء العمل حيث لا تستطيع أن تميز بين كاتب الضبط والمحر ر القضائي والتقني وبين المنتدب القضائي ، أعيد ماقلت سابقا وأقول انه يكفي للوزارة أن تلجأ إلى تلاميد البكالوريا لتوظيف أطر كتابة الضبط حفاظا على أموال الدولة ما دام أنها لم تستطيع توصيف المهام وتحديد الإختصاصات ، فبدلا من توظيف 100 منتدب قضائي عليها أن تقتصد في النفقة وتزيد في الحصيص بتوظيف 600 تلميذ حاصل على البكالوريا وبدلك يمكن لها أن تضمن السير العادي لعمل كتابة الضبط والتقليل من بعض المناوشات التي قد تحصل بين كاتب الضبط/ الدكتور والقاضي/ الموجز
ثالتا : إدا كنت تتحدث عن قضاء القرب فهناك مفهوم آخر يتميز هو أيضا بالجدة ومصادق عليه وهو مفهوم القاضي الوسيط ، فهل هناك اعتبار لحاملي الشواهد في تفعيل هدا المولود الجديد ؟ وكيف يمكن تفعيله ؟ فالمهمة الموكولة له هو إرشاد المواطن الدي يرتاد المحاكم يتقديم النصح له وتوجيهه الوجهة المناسبة ، ومن ثم فمهمته أقرب من مهام المكلف بمكتب الإرشادات وإلا فكيف يعقل أن يرضى أي قاض بالجلوس في مكتب قبالة الباب الرئيسي للمحكمة وأمامه سجل يمسكه ويضمنه عدد التوجيهات والنصائح التي وججهها للمواطن خلال النهار ، فهدا هو المقصود بالقاضي الوسيط من الناحية العملية ، وإلا سيضطر المواطن إلى وسيط آخر لكي يوجهه إلى مكتب القاضي الوسيط
أخيرا : أريد أن أقول كفانا من الشعارات الجوفاء إصلاح القضاء يجب أن يتم عبر إشراك العاملين في الميدان من خلال تكليفهم بإنجاز تقارير عن سير العمل بكتابة الضبط وبالمحكمة عامة لأن كتابة الضبط تزخر بأطر متمرسة ودات كفاءة عالية وغالبا ما تمزج بين النواحي النظرية القانونية والعملية الإجرائية ، فهناك منحى تصاعدي لعدد موظفي كتابة الضبط الحاصلين على الشواهد العليا تفوق تلك التي يتم بموجبها توظيف القضاة فعلى الوزارة أن تستغل هدا المعطى من أجل بلورة توجه إصلاحي مندمج ومتوازن للقضاء