هناك العديد من الدعوات داخل اوساط السادة الموظفين في المحاكم تنادي بضرورة توحيد الأشكال النضالية وتوحيد الرؤى بغية تشكيل قوة ضغط كبيرة لتحقيق المطالب
طبعا هذه نداءات جيدة وصادرة طبعا من موظفين ذوي النيات الحسنة وان همهم الوحيد مصلحة الموظف ولا شأن لهم بالمزايدات بين النقابات ، فلا احد ينكر أن القوة في الوحدة وتركيز الجهود
كما ان الإتحاد قوة ، لكن ألا يحق لنا ان نتساءل عن الوجه الآخر لهذا التوحيد ؟ هل الإتحاد دائما يؤدي إلى اهداف نبيلة ؟ وفي قطاع العدل هل هناك مقومات نجاح هذا الإتحاد ؟ هل وحدة الهدف تحول دون وجود عراقيل نابعة من اختلاط الصالح بالطالح داخل لنقابات ؟ هل يمكن القول ان جميع النقابات أو بالأحرى جميع المناضلين يناضلون بشكل جدي أم هم فقط بمثابة أرانب السباق أو ربما عناصر بلطجية خطيرة تحول دون تحقيق المراد ؟
إن اقتراح تنسيق الجهود وتوحيد النضال بين النقابات داخل قطاع العدل سوف لن يتم طبعا وحتى إن تم فإنه ليس في صالح القاعدة الكبيرة من الموظفين لماذا ؟
فكما تعرفون فالتنسيق يهم بالأساس النخبة أي سيتم على مستوى الهرم ، أي أن أعضاء المكتب الوطني للنقابات الثلات سيجتمعون ويجلسون في مائدة واحدة ويطرحون رؤاهم وأفكارهم وخططهم تجاه الملف المطلبي لكتاب الضبط اما القاعدة فسيتقلص حجم حركتها في التحكم في القرار و عليها التنفيذ لا غير
وكما قلت اعلاه فإن اختلاط الصالح بالطالح يعد السمة الأساسية داخل كل إطار نقابي
وبالمقارنة بين القيمتين الأخلاقيتن داخل قطاع العدل ينبغي الرجوع شيئا ما إلى الماضي علنا نستكشف أيهما الغالب الصالح أم الطالح ؟ والمعيار الوحيد هنا هو الإحتكام إلى المنجزات وما تم تحقيقه لكتابة الضبط وما هي الجهات التي ساهمت بشكل كبير في تحقيقه ، طبعا كلكم سيقول انه لو تم تحقيق منجزات تستحق الذكر لفائدة أطر وموظفي كتابة الضبط لعفانا الله من هذا الصداع النقابي الذي نعيشه الآن ، نعم أنا أتفق معكم في طرحكم هذا ، لو تحقق شيئا لكتابة الضبط لكفانا الله شر هذا الصداع النقابي ولجعلنا نوجه أفكارنا إلى مناحي اخرى نحن حاجة إليها وسنقتصد في طاقاتنا وسيتفرغ المناضلون اكثر إلى حياتهم العائلية وتلبية حاجيات أبنائهم وزوجاتهم بدلا من استنزاف طاقات اجسادهم في أمور هم في غنى عنها لو التزمت الحكومة بوعودها
إذن إلى حدود هذه اللحظة تشترك جميع النقابات في انها طالحة وغير صالحة ما دامت انها لم تحقق شيئا لكتابة الضبط ، وتبعا لذلك فالتنسيق والتوحيد يعني منح القوة للطالح أكثر وهذا طبعا ليس في صالح الموظفين ، لكن وإذا كان الكل غير صالح ما دام انه لم يحقق شيئا للموظفين فهل يمكن القول ان هناك نقابة أو نقابات لها نصيب أكبر من هذه القيمة الرذيلة بالنظر إلى ما فعلته ربما بتواطئها أو غشها او تدليسها ضد الموظفين ؟ سنضطر للعودة إلى الوراء أيضا للجواب على هذا السؤال ، وسنرجع عقارب الزمن ثلات سنوات للوراء إلى حدود سنة 2008 ، فهل تتذكرون ما ذا حدث في هذه السنة بالنسبة لكتابة الضبط ؟ نعم الكل يتذكر ، إنه تاريخ ولادة النظام الأساسي المتفق عليه مصحوبا بمرسوم يتضمن صدقة لمساكين وفقراء كتابة الضبط الذين يحتاجون إلى إعانات من أجل إهانتهم برسم أواخركل سنة ميلادية ، طبعا رب سائل يقول هذا النظام صادر من جهة واحدة وخارج إطار النقابات ،و هي الحكومة التي من حقها ان تصدر مثل هذه المراسيم لتسيير أعمالها وبالتالي فلا ذنب لأي نقابة في هذا ولا يحق لنا ان نتهم أي نقابة بأنها غير صالحة للموظفين ، لكن سأجيب باستحضار كلمة غالبا ما يدكرها البعض عندما يشير إلى هذا النظام الأساسي ، إنها كلمة "المتفق عليه" ، حقا هذا النظام صدر من طرف الحكومة ، لكن بعد الإتفاق ، وحيث ان الإتفاق يقتضي توفر طرفين فهذا يعني ان هناك طرفا آخر ساهم في ما يسمى بمهزلة 2008 وهذا الطرف للأسف تصرف باسم الموظفين وكانت له آنذاك القوة التي جعلته يفعل فعلته فلو لم يتفق هذا الطرف لما تم تنزيل المهزلة ، وتبعا لذلك فهذا الطرف / النقابة الذي تصرف بهذا الشكل ارتكب التدليس في حق الموظفين وبالتالي فله النصيب الأكبر من كل القيم الفاسدة والغير الصالحة لموظفي القطاع
ولنعود إلى التنسيق وتوحيد النضال لأقول انه في ظل وجود اطراف أكثر فسادا ولا تعير أي اهتمام لمصلحة الموظفين فلا داعي للإتحاد لأن من شان ذلك أن يقوي كافة الأساليب الإحتيالية ويذكي روح المؤامرة ضد مطالبنا المشروعة
ولكي اعطي مثالا واقعيا حول عدم جدوى التنسيق والتوحيد بالنسبة للموظفين ، فمؤخرا كانت هناك أطراف تطبخ مؤامرة ضد ملفنا المطلبي مستغلة الدعم المقدم لها وما تحظى به من حسن القبول لدى الوزارة ، لكن في ظل وجود المنافسة النقابية وتفطن القاعدة الجمارية من الموظفين وتعطشها لمعرفة ما يدور في الكواليس وضرورة اخد أرائها بعين الإعتبار وإمداده بكل جديد كل ذلك ساهم في إحباط هذه المؤامرة ، وبالعودة للمنافسة النقابية سأشير إلى دور النقابة الوطنية للعدل في إحباط هذه المؤامرة ، ليس بسبب انها الأكثر تمثيلية داخل القطاع بل بسبب انها تقف إلى جانب القاعدة الكبيرة من الموظفين سواء داخل هذا الإطار النقابي او ذاك ، وبالتالي استطاعت ان تترجم توجهاتهم عبر الإعلان عن التصعيد عبر أيام الإضرابات المعلنة في بياناتها الأخيرة ما دام انه لم يتحقق أي أي شيئ بالنسبة للمطالب المشروعة لكتاب الضبط ، هذه الخطوات التي قامت بها النقابة الوطنية للعدل ضربت بها عصفورين بحجر واحد ، الأول : اختيارها لأسلوب التصعيد بعد غياب الجدية في الإستجابة للمطالب ، والثاني : النجاح في وقف المؤامرة التي تحاك ضد المطالب المشروعة للموظفين عبر خلق نوع من الإرتباك لكل الأطراف المتواطئة والمشتركة في طبخ هذه المؤامرة مما جعل النقابة المتآمرة محرجة امام قواعدها التي لم تعد ترضى بالفتات أو أنصاف الحلول التي قد ياتي بها كوادرها
اما الطرف الآخر من المؤامرة / الوزارة فهو إلى حد الآن فضل السكوت بعدما استنفد جميع وسائله في الإقناع
إذن فهل تتصورون ان يحدث هذا السيناريو لو توحدت النقابات وتم تأميمها وغياب المنافسة النقابية داخل القطاع ، ماذا سيحدث لو اتفقت النخب على الدخول في المؤامرة السابقة ، فهل هذا يعني ان أغلبية القاعدة سترضى بذلك ، طبعا لا ولكن في ظل التنسيق النقابي ما عليهم إلا أن يقولوا سمعنا واطعنا ، اما في ظل المنافسة فإن البقاء سيكون للأصلح ، وستبقى القواعد هي الحكم نظرا لوعيها وتفطنها المسبق لكل الوساءل الإحتيالية التي يلجأ إليها البعض خدمة لمصالحهم واجندتهم الخاصة أما الموظف في نظرهم فما عليه إلا أن يبقى وفيا لشم رائحة وغبار الأرشيف