نعم إنها سنة (برفع السين) ، فالتاريخ قدر عليه ألا يتوقف ، وعليه ان يعيد نفسه لكي يستمر ، منطق لم تسلم منه أية منطقة مهما كان موقعها وطبيعة مجتمعها ، فها هو منطق إعادة وتكرار التاريخ يتحقق في أرض مصر التي أوصى النبي محمد بأن نصتوصي بأهلها خيرا بل وخاطب الله عز وجل في كتابه بني اسرائيل بان يهبطوا مصر لكي ينالوا ما يشاؤون . عندما كنت أتابع ما يجري في مصر وأرى المتظاهرين يتجهون إلى قصور مبارك عبر شارع رمسيس أعادني هذا المشهد إلى غابر الأزمان ، اختصرت فيه 2960 سنة لكي أصل إلى اللحظة التي اختارها الأمازيغ لكي تكون اللحظة المحددة لانطلاق تاريخهم المليئ بالبطولات والأمجاد ، فهذا هو الزمن، أما المكان فهو كما قلت مصر أرض الفراعنة التي اختار الأمازيغ أن يكون أرض انطلاقة تاريخهم المجيد ، اما الحدث فهو تربع الملك الأمازيغي شوشينغ على عرش مصر بعد نجاحه في الإطاحة برمسيس الثاني ملك السلالة الثانية والعشرين للعائلة الفرعونية التي تحكم مصر أنذاك .
ااسمحو لي وسألتمس منكم العذر أيها السادة، وسأشق نفقا طويلا وصعبا وأختصر المسافات والأزمنة الطويلة لكي أربط بين هذين الحدثين ، حدث انتصار الملك الأمازيغي شوشينغ وإطاحته بفرعون رمسيس الثاني وحدث الإطاحة بفرعون الألفية الثالتة والقرن الواحد والعشرون حسني مبارك حيث أن هناك تشابها كبيرا بينهما ، بل يعتبر حدثا واحدا تكرر اليوم عبر تسلله من تلك اللحظة إلى هذه عبر شقوق الزمن .
إلى حدود هذه الفقرات ستسخرون مني وستقولون لي ماذا أنت فاعل ؟ هل يعقل أن تشبه ما حدث آنذاك وما يحث اليوم ؟ شأقول لكم انتظروني في الفقرات اللاحقة لكي تفهموا حكمة المقارنة وعلة الشبه ، لكن لا تفهموني كما فهم بن علي التونسيين وتتبخبروا فبما بعد في الهواء ، لا, افهموني بعقلكم ووسع نظركم وقدراتكم وملكاتكم الدهنية وابقوا معي في المغرب لكي نتداول ونناقش في الأمر ولا تدهبوا إلى المملكة العربية السعودية فتجمد أرصدتكم تانية بعدما جمدها مزوار .
طبعا هرمنا من أجل أن نعيش تكرار هذه اللحظة التاريخية التي انتظرت 2960 سنة (التقويم الأمازيغي) لكي تعودإلينا ، ففي الحقيقة فأرض مصر عرفت حدثين تاريخيين هامين الأول، حدث عندما تربع الأمازيغ على عرش مصر ، والثاني حدث بعد إطاحة المصريين بمبارك هذا اليوم ، طبعا العديد منكم سيقول لي هل تاريخ مصر يختزل في هاتين اللحظتين فقط ؟ ما الذي حصل لك حتى نسيت كذا وكذا وكذا .... وثورة عبد الناصر المعروفة والمتداولة إلى حد الآن ؟ طبعا أنا فهمتكم ، لكن لا مجال للمقارنة بين هذا وذاك ، فعلى ذكركم لثورة عبد الناصر فهي حدثت في الخمسينات ، وبالنظر لظروف الزمان والمكان فهي ثورة طبيعية وما هي إلا جزء من ثورات الشعوب الثواقة إلى التحرر من الإستعمار في ذلك الوقت ، فضلا عن أنها ثورة فاشلة من حيث النتائج وبقيت حبيسة الشعارات الجوفاء والرامية إلى نشر الفكر القوماجي العروبي في أنحاء ما يسمى بالوطن العربي و دحر العدو الصهيوني ، لكن لا شيء من ذلك تحقق ، دعونا نرجع إلى صلب موضوعنا لنؤكد ان ثورة الأمازيغ تتكرر في مصر اليوم وهذا هو الحدث المشابه لذلك الذي وقع قبل حوالي ثلات آلاف سنة ، وهناك أدلة قاطعة ومقنعة على صحة ما أقول ،
فمنحيث الشخص المطاح به : فلا أحد يستطيع ان ينكر أن مبارك تسري في عروقه دماء الفراعنة ، فهو فرعون القرن الواحد والعشرون ،فكلكم يعلم من خلال قراءته للقرآن الكريم كيف كان حجم عناد فرعون وجنوده في مواجه دعوة موسى عليه السلام ، ولا أحد يستطيع أن ينفي معرفته بحجم عناد مبارك في مواجهة شعبه بكافة انواع البطش والقمع وعدم الإصغاء لمطالب الملايين بسهولة، هذا العناد وصل بمبارك إلى حد القول أنه حاصل على شهادة الدكتوراه في العناد، فكما نجح الملك الأمازيغي في كبح جماح عناد رمسيس الثاني نجح المصريون في احتواء عناد مبارك بعد صمود طويل ومستميث .
من حيث ظروف النازلة : إذا كان وجه الشبه واضح في النقطة السابقة ، فإنه سيكون أوضح في هذه ، فكما تعلمون فإن حكم مبارك استمر لعقود حعلت جيلا بأكمله يعتقد أن مصر هي مبارك وأن مبارك هو مصر وهما زوجان متلازمان ولا يتفارقان، فلا يمكن ان يتصور استمرار مصر بدون مبارك ، والنتيجة الحتمية لهذا الإعتقاد هو أن الحديث عن إمكانية إزاحة مبارك يعد من أعظم المستحيلات ،مما خلق نوعا من اليأس لدى المصريين جعلهم يستكينون ويسلمون بالأمر الواقع إلى حد أن اتهموا بالشعب الأكثر خنوعا في الدنيا ، أما بالنسبة لفرعومن رمسيس الثاني ، فهو يعد ملك السلالة الثانيةو العشرين للأسرة الفرعونية ، وكلكم يعلم ماذا يعني توالي هذا العدد من السلالات وحجم الزمن المخصص لها ، فهدا طبعا سيخلق اعتقادا أنذاك بأن الفراعنة هم مصر وأن مصر هم الفراعنة والحديث عن إزاحتهم من طرف الأمازيغ يعد نوعا من الجنون وضربا من ضروب الخيال ، لكن مع ذلك فالمستحيل تحقق ، فشوشينغ أطاح بفرعون والمصريون اطاحوا بمبارك.
من حيث القائمين بالثورة : لم أقل أن هناك شبها بين القائمين بالإنقلاب على فرعون مصر والقائمين بالثورة ضد مبارك ، بل سأفاجكم بالدهاب بعيدا وأقول انه ليس فقط هناك شبها بين هؤلاء وهؤلاء ، بل إن من قاموا بإزاحة رمسيس الثاني قبل حوالي 2960 هم نفسهم من قاموا اليوم بإزاحة مبارك ، نعم هم نفسهم ، أعرف ان هناك منكم من يقول ماذا يقول كاتب هذه السطور ؟ هل هو في كامل قواه العقلية لكي يقارن بين من بقول باللهجة المصرية لحسني مبارك " ارحل ماش عايزينك " مع أولئك الذين قالوا لرمسيس الثاني بالأمازيغية " افغ أسي الرحيل نش "، طبعا انا فهمتكم ، لكن عليكم ان تفهموني انا أيضا ، فلكي تتأكدوا من كلا مي ادهبوا إلى جزيرة سوى بمصر وستتأكدون وتسمعون نفس اللسان الأمازيغي هناك ، ستقولون انت تضع امامنا طلبا تعجيزبا، فكيف بمكن لنا الدهاب إلى مصر و وزارتنا لم تسوي بعد ملفنا المطلبي ولم تخرج النضام الأساسي فضلا على ان مؤسستها للأعمال الإجتماعية تطلب منا دفع 25 ألف درهم لقضاء 15 يوما في مصر؟ ، طبعا ان فهمتكم ، وسأغير من هذا الطلب التعجيزي لكن سأطلب منكم ما إدا كنتم تعرفون شيئا في المعجم الأمازيغي ؟ وعليكم أن تحددوا معنى لفظة "الأمازيغ"؟وتربطوا هذا المعنى بما يطالب به الشعب المصري الان من وراء إزاحة مبارك ؟ طبعا الكثير منكم حدد مدلول هذا المعنى ، نعم ، الأمازيغ يقصد بها الأحرار ، فأن تقول أن أمازيغ بعني أنك حر ، وبماذا يطالب المصريين الآن ؟ نعم أنهم يطالبون بالحرية ، بمعنى أن بكونوا أحرارا ويتخلصون من الظلم والإستبداد ، وما هو مقابل هذه الكلمة في الأمازيغية ؟ نعم ، أنها كلمة الأمازيغ ، فعندما نقول أن المصريين يريدون ان يكونوا أحرارا فتعني اوطوماتيكيا أن المصريين يريدون أن يكونوا أمازيغ ، أي أن يعبروا على حقيقتهم وأن يستعيدوا كينونتهم الأصلية وهويتهم الأصلية التي أطاحوا بها على فرعون رمسيس الثاني ، فبالإستدلال بالمنطق تأكدت امازيغية المصريين ، فمن الآن فصاعدا قولوا ان المصريين أصبحوا أمازيغ ،أي أصبحوا أحرارا وتخلصوا من الديكتاتورية المستبدة بفضل سريان دماء الحرية(الأمازيغية) في عروقهم فهذه من الأمور الحتمية الوراثية ، فلا أحد يستطيع التنكر لأصوله وكل شعوب العالم تتمنى ان يصبحوا أمازيغ . فعاشت الحرية وعاش الأحرار في منبت الأحرار ومشرق الأنوار . تانميرت إرغان