أشار الأخ اسماعين يعقوبي في احد مداخلاته إلى ان هناك من لم يلتزم بقرار المكتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل عندما علقت الإضراب في الأسبوع الماضي بالرغم من انهم شاركوا في اجتماعه الذي انخد فيه القرار .
وقد أثار هذا السلوك انتباهي وارتأيت ابداء بعض الملاحظات في هذا الصدد ، ومن هنا يجب التذكير بأن هناك فرق بين أن تبدي وجهة نظرك كعضو في المكتب او كعضو منخرط حول الخطوات التي يتخدها المكتب النقابي وبين عدم الإنضباط لقراراته ، فبالنسبة للخطوة التي اتخدتها النقابة الوطنية للعدل مؤخرا بعد اجتماعها مع اللجنة التي أحدثت من طرف الوزير الأول حيث أعلنت عزمها تعليق البرنامج النضالي بعد حصولها على وعود من الحكومة بتسوية هذا الملف بتخصيص كتابة الضبط بنظام أساسي محفز ومحصن، فقد أثارت ردود فعل تراوحت بين التأييد والمعارضة واتخاد الحيطة والحذر تجاه التزامات هذه الحكومة التي تعبر أحيانا بشكل صريح عن روح اللامسؤولية والتنكر للوعود، ولقد اختلفت سلوكات المنخرطين تجاه هذه الخطوة خصوصا أولئك الذين عبروا عن عدم قبولهم بها ، حيث ان هناك فئة اكتفت بإبداء رأيها في الموضوع مع الإلتزام بقرار عدم خوض الإضراب ،مقابل فئة استغلت الفراغ القانوني وعبرت عن وجهة نظرها برفض الإنصياع للقرار الصادر عن المكتب وانضموا للإضراب الذي اعلنت عنه كل من النقابة الديموقراطية والجامعة الوطنية للعدل ،ومهما كانت مبررات هؤلاء التي قد تتراوح بين من كان يرى ان الإضراب هو غاية في حد ذاته وبين من كان يؤمن بأن الإستمرار في الإضراب هو الوسيلة الوحيدة والناجعة لتحقيق المطالب في ظل تعنت هذه الحكومة المستمر ، فإن المنخرط يجب ان يتحلى بنوع من المسؤولية تجاه النقابة التي ينتمي إليها مهما كانت قرارات هذه الأ خيرة حتى يضفي نوع من المصداقية على شخصيته وأن لا يخضع لكل ريح هبت مهما كان اتجاهها ، فهذه السلوكات تجعل الممارسة النقابية بمثابة السيبة والفوضى وربما قد يترك هذا انطباعا بأن هذا الموظف هدفه من الإضراب هو الراحة أو التفرغ لمصالحه الشخصية خلال الثلات أيام المخصصة للإضراب ، ومن هنا يمكن القول أن حرية ابداء المنخرط لوجهة نظره تجاه أي خطوة نضالية وان يعبر عن رأي مخالف لما تم اتخاده من قرار لا تعني اخضاع سلوكه لمزاجه الشخصي وعدم الإلتزام بالقرار الذي قد يتم اتخاده بالإجماع او بناء على رأي الأغلبية ، فالنتيجة إذا هو ضرورة تنفيذ ما تم اتخاده مهما كان انطباعك تجاهه ، فعبد ربه مثلا من بين المنخرطين الذين عبروا برأيهم بكل حرية تجاه هذه الخطوة ، حيث اعتبرتها خطوة غير مناسبة ولا تستجيب للظرفية التي يمر منها ملف كتابة الضبط ولا لانتظارات أغلب الموظفين المنخرطين في النقابة الوطنية للعدل ، وقد حاول البعض مصادرة رأيي في التعبير عن مو قفي من هذه الخطوة في هذا المنتدى على الأقل متهما إياي بارتكاب جريمة ضد العائلة ومطالبا بالإعتذار للمكتب النقابي ، فهذا الموقف المعارض للبيان الصادر عن المكتب الوطني لا يعني ألا ألتزم بما جاء في هذا البيان ، فقد تم تنفيذ مقتضياته بعدم القيام بالإضراب ما دام أني أعتبر نفسي منخرطا في هذه النقابة ولم يصدر مني أي قرار يعبر عن انسحابي منها ، فشتان إذا بين أن تعبر عن رأيك تجاه الخطوات المتخدة وبين عدم الإنضباط لها ، فالحق في الإختلاف مضمون داخل إطار النقابة الوطنية للعدل ولكل شخص الحق في التعبير عن وجهة نظره وعلى من يدعي العكس ان يأتي بالإثبات ، لأن الإطار النقابي الذي يصادر هذه الحرية غير جدير بالتواجد بالساحة النقابية ولا يستحق انتساب الأشخاص له ، فالحرية هي وقود الإنسان ولا يمكن ان يتحرك بدونها ولا يوجد أي بديل للحرية غير الحرية نفسها، فكلما يحس الإنسان بأن هذا الحق يصادر من طرف جهة معينة عليه ان يتخد الخطوات اللازمة لإسترجاعه ، فالعبيد قد يعيش حياة كريمة عند سيده ولا ينقصه أي شيئ من مأكل وملبس ووو ولكن غالبا ما ينظر إليه من طرف الجميع حتى من قبل اناس بؤساء على أنه يفتقد لشيئ أساسي وهو الحرية .
وسأختمم هذه المداخلة بالتأكيد على أن الحق في الإختلاف وحرية إبداء الرأي داخل النقابة الوطنية للعدل مضمون ولكن هذا لا يعني السقوط في الفوضى والسيبة بعدم الإنضباط لقرارات المكتب سواء على المستوى الوطني او على المستوى المحلي ، وتحية نضالية لكل المناضلين الشرفاء