اسماعين يعقوبي
عدد المساهمات : 1328 نقاط : 2636 السٌّمعَة : 8 تاريخ التسجيل : 07/01/2010 العمر : 51
| موضوع: العمل النقابي اليساري الإثنين ديسمبر 06, 2010 2:39 pm | |
| لقد كان اليسار واضحا ومنسجما مع طروحاته الفكريةوالسياسية, وجعل من العمل النقابي واجهة للصراع ضد مالكي وسائل الإنتاجودولتهم الطبقية, وذلك دفاعا عن الطبقة الكادحة المنتجة للثروات والمحرومةمنها بفعل ملكية حفنة من الرأسماليين على وسائل الإنتاج.
وهكذاعرف اليسار تأسيس أولى النقابات منذ العهود الأولى للماركسية,وتمكناعتمادا عليها من تحقيق مكاسب هامة للطبقة العاملة كتحديد ساعاتالعمل, الحصول على عطل مختلفة ومتنوعة, أداء أجور العطل, الضمانالاجتماعي, التقاعد, التغطية الصحية, الأمومة, المساواة في الأجور, الزيادةفي الأجور, تحسين شروط العمل... وغيرها من المكاسب التي مازالت تعيشعليها الطبقة العاملة وعموم الموظفين في كل بقاع المعمور إلى يومنا هذا,بالرغم من التراجعات التي تحصل أحيانا كثيرة والتي لم تستطع الشغيلةتحصينها بفعل عوامل ذاتية وموضوعية يبقى التشرذم سماتها الأساسية. ويظهرذلك جليا في فشل التصدي للزيادة في سن التقاعد في عدد كبير من البلدانوبالخصوص فرنسا ذات الإرث النضالي الطويل, ارتفاع البطالة والفقر, تراجعمستوى المعيشة بفعل الارتفاع الصاروخي للأسعار مقابل تجميد الأجور وتراجعالخدمات الاجتماعية... ولم يقف عمل اليسار عند هذا الحد, وإنما أكد أنالاستغلال الاقتصادي للطبقة العاملة وعموم الشغيلة وكذا الفوارق الطبقيةالملازمة له, راجع بالأساس إلى وجود واستمرار دولة الرأسماليين والإقطاعيينالتي ترعى الاستغلال وتتغذى عليه. ولذلك فقد جعل من تدمير دولة الاستغلالالطريق لتحرير الطبقة العاملة. فالنضال النقابي يهدف بالأساس إلى الحصولعلى مكتسبات مادية ومعنوية تهم الطبقة العاملة وعموم الشغيلة, وهاتهالمكتسبات تتطلب نضالا مريرا وطويل النفس. إلا أن المعالجة الشاملةوالاهتمام الفعلي بالطبقة العاملةوالشغيلة لن يتأتى في ظروف دولةالاستغلال. لذا نرى أن الإطارات النقابية اليسارية تتفادى النظرةالاقتصادية الضيقة للصراع وتحاول الربط الجدلي بينالصراع السياسي والصراعالاقتصادي, دون أن يعني ذلك القفز على مجال الصراع الطبقي الاقتصادي. وتعتمدالإطارات النقابية في ممارستها للصراع أو بأسلوب مرن, نضالها منأجل تحسينالوضع الاقتصادي والاجتماعي لمنخرطيها ومناضليها على مجموعة منالمبادئوهي: الجماهيرية, الديموقراطية, التقدمية والاستقلالية. ونظرا لكونجميع الإطارات تتبجح بهذه المبادئ دون أن تتماشى وطبيعتها أودون أن تعيرهاأي اهتمام, نرى من الضروري أن نعطي لمحة موجزة عنها.
أ_ الجماهيرية:
أوبعبارة أدق الطابع الجماهيري للنقابة. ان تحقيق المكاسب الماديةوالمعنويةلا يمكن ان ينزل صدفة من السماء أو أن تمنح من لدن أي كان, كماأن أي نخبةمن النخب لن تتمكن من ذلك مهما بلغت ثقافتها وخبرتها وحسننيتها واستعدادهاالنضالي. ولن تتحول إلى قوة فاعلة و فعالة إلا بامتلاكها من لدن الجماهيرالواسعة التي تعاني من عدة مشاكل والقادرة وحدها فرضمجموعة من المكتسباتبفضل عملها الجماعي الطويل النفس. فالجماهير لا يجب ان تكون مجردمتلقي بل ذات عارفة تحقق إدراكا عميقا بالحقيقةالاقتصادية-الاجتماعية-الثقافية التي تشكل حياتهم, و يكون لهذهالذاتالقدرة على تغيير الواقع حتى يتمكن الناس من تحرير أنفسهم بعيدا عن الوصاية.
ب_ الديموقراطية:
هناكمن جهة الديمقراطية كقاعدة للتعامل داخل النقابة لضمان مشاركة كافة الاعضاءفي تحديد التوجهات والمواقف الأساسية وفي نقلها إلى حيز الممارسة, ومن جهةثانية الديموقراطية في العلاقات الخارجية للنقابة في علاقاتها الخارجيةللعمل على تطوير العلاقات وطنيا ودوليا وجهويا على أسس الاحترامالمتبادلوالإقرار الديمقراطي للمهام المشتركة بعيدا عن أساليب الهيمنة أوالتهميش,وهناك من جهة ثالثة الديمقراطية كعلاقات سياسية واقتصادية واجتماعيةوثقافية لا بد من إقامتها للتمكن من التعبير القانوني والعملي للنقابة. فالديمقراطيةبمفهومها الشامل لا تعني فقط الحكم السياسي بقدر ما يمكنتعميمها عل كلالمرافق وكل التجمعات سياسية، اجتماعية أو مهنية، فلا يمكن الدفاع عن مصالحالمنخرطين في غياب الديمقراطية في هيكلة وبنية العلاقات داخل هذه النقابة. فالديمقراطيةالحقيقية تعني خلق نسيج علاقات متكافئة ومتوازنة تحسن تدبيرالخلافات وتدعممفهوم احترام الرأي الآخر وتحقق مجتمعا تحترم فيه إرادةالمواطنين، وتصبحللمواطن قوة ضغط من أجل تحقيق ديمقراطية ومواطنة فعلية.
ت_ الاستقلالية: وهيمن جهة الاستقلالية بالنسبة للسلطة, مهما كانت, و من جهة أخرى الاستقلاليةبالنسبة لأي حزب أو منظمة أو اتجاه سياسي, و بموجب هذاالمبدأ, فالنقابةيجب ألا تستمد مواقفها سوى من مبادئها وقوانينها ومقررات اجتماعاتهاواستنادا إلى التحليل الموضوعي للواقع. لكن الاستقلالية لاتعني الانعزاليةلان النقابة تستوعب في صفوفها مناضلين مهما كانت مشاربهمالفكرية والسياسيةمختلفة. كما ان الاستقلالية إزاء السلطة لا تعنيالقطيعة معها, فالنقابةيجب ان تكون على استعداد للتعامل مع السلطة في كلما يمكن ان يحقق ولو جزءامن أهدافها شريطة احترام استقلاليتها وهويتها الأصيلة بعيدا عن عقليةالتهميش أو التدجين.
ج_ التقدمية:
ان الاطارات النقابية يجب ان تشكلجزء من الحركة التقدمية وطنيا ودولياانطلاقا من ان تحقيق أهداف النقابةعلى أساس الجماهيرية والديمقراطية والاستقلالية يندرج موضوعيا في إطارالكفاح ضد قوى الاضطهاد والاستغلال البشع ومن اجل تقدم البشرية جمعاء نحوإقامة المجتمع الإنساني المبني على الحرية والمساواة والتضامن. و تجدرالإشارة إلى أن الإطارات النقابية لا يجب ان يغلب عليها الجانب السياسيالمباشر كأساس يقوم عليه خطابها مع التأكيد على ان التحليل الاجتماعي يوصلحتما إلى السياسة و ضرورة العمل السياسي النشط الذي يصل إلى درجة مشاركةالكادحين و المهمشين في النضال الثوري فعليا بواسطة الأداة الثورية. انأكثر الاطارات تقدمية هي المنحازة فعليا إلى جانب الكادحين,وذلك بالمبادرات المتمثلة في تشكيل منظمات ديموقراطية تمتلك فهما علمياللواقعوتحاول تغييره مع الالتزام بقضايا المضطهدين ورفع وعيهم وتنظيمهموتمليكهم مستقبلهم وإرادتهم على الفعل.
عدل سابقا من قبل اسماعين يعقوبي في الإثنين ديسمبر 06, 2010 3:37 pm عدل 1 مرات | |
|
JUSTE
عدد المساهمات : 3625 نقاط : 12104 السٌّمعَة : -2 تاريخ التسجيل : 02/01/2010 العمر : 54
| موضوع: مؤتمر الفيدرالية الديمقراطية للشغل أي نقابة هي الفيدرالية؟ ما جديد مؤتمرها ؟ ما العمل ازاءها؟ الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 4:27 am | |
| مؤتمر الفيدرالية الديمقراطية للشغل أي نقابة هي الفيدرالية؟ ما جديد مؤتمرها ؟ ما العمل ازاءها؟
المناضل-ة 2006 / 1 / 10 محمود جديد نظمتالفيدرالية الديمقراطية للشغل مؤتمرها الثاني أيام 30 شتنبر و1 و2 أكتوبر2005، بعد زهاء سنتين ونصف من ميلادها. ويتميز سياق هذا المؤتمر بتدهوروضع الحركة النقابية جراء سنوات من التخبط ما بين إضرابات مجزأة ومرتجلةوتفاوضات باردة مع أرباب العمل والحكومة مفضية الى اتفاقات لا تنفذ، كلذلك في ظل الهيمنة السياسية لقوى غير عمالية ليبرالية. وانعكس هذا التدهورفي انكماش الجسم النقابي، سيما بالقطاع الخاص، وتشظيه سيما في القطاعالعام حيث ظهرت الحركات الفئوية نتيجة مباشرة لسوء تدبير القياداتالنقابية وتخاذلها. هذا كله وسط تصاعد الهجوم البرجوازي على قوت الكادحينوظروف عملهم وعلى الحريات، ونجاح الحكومة في تمرير سياساتها بتعاونالقيادات النقابية نفسها. يضع هذا على كاهل المناضلين العماليين مهمةالإحاطة بطبيعة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وتحديد الموقف منها طبق مايخدم وحدة نضال العمال وارتقاء وعيهم. لهذه الغاية نساهم برأينا، دونمجاملة ولا تحامل، مبرزين في البدء ظروف ميلاد هذا الاتحاد النقابي، ثممتناولين مؤتمره الثاني من زاوية مدى الاستجابة لمستلزمات الساعة بالساحةالنقابية.
طبيعة الفيدرالية الديمقراطية للشغل
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: من أداة مناوشة في إطار سلم اجتماعي ...
برزتالفيدرالية في ظرف سياسي جديد متمثل في الموقع الجديد الذي أصبح للاتحادالاشتراكي للقوات الشعبية في الساحة السياسية، أي انتقاله من "معارضةجلالة الملك" إلى حكومة جلالة الملك. ورغم كل ما قيل عن كون ظهورالفيدرالية "انتفاضة" ضد التبقرط المفرط و "نقابة الزعيم" الخ، تمثلالنقابة الجديدة انعطافا سياسيا أي تبدلا في نوع العلاقة التي يريدالاتحاد الاشتراكي ان يقيمها مع النقابة العمالية. فمنذ إقدامالاتحاد الاشتراكي على إنشاء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978،كان هذا الحزب يستعمل القوة العمالية لمناوشة النظام وفق منظور يروم دفعهذا الأخير الى تنازلات طفيفة، مع حرص شديد على تفادي أي انفلات لتلكالقوة واستقلالها وفق خط مصلحتها الطبقية الخاصة. يتجلى هذا بوضوح فيالكيفية التي أجهض بها الاتحاديون نضالات عمالية عديدة انطلقت من تلقاءذاتها، و افتعلوا إضرابات من فوق بارتجال حسب حساباتهم المتغيرة مع الظرفالسياسي. لقد جعلوا من الكونفدرالية نقابة التعاون الطبقي التي تناوشلكنها تضع فوق جميع الاعتبارات مصلحة "الاقتصاد الوطني" و "استقرارالمغرب"، أي بلغة صريحة مصالحة أرباح الرأسماليين واستقرار نظام الاستغلالوالاضطهاد. لقد كانت الكونفدرالية أداة الهيمنة السياسية لحزب إصلاحي برجوازي على قسم من الطبقة العاملة. لكنلنضال العمال دينامية خاصة تتخطى حدود أهداف الأحزاب البرجوازية مما أدىإلى انفلاتات من قبيل نضالات نقابية اعتبرها الساسة البرجوازيون في غيرمحلها وعملوا لنسفها (إضرابات اليوسفية 1986 وجرادة 1989 إضراب 25فبراير94 الذي الغي استجابة لمساعي أحزاب المعارضة البرجوازية ...) والىانتفاضتي البيضاء في 1981 وفاس في 1990 التي ليست بنظرهم "نضالاديمقراطيا" لكنها تظل "مقبولة" ما دامت عفوية ودون هدف سياسي في ظل غيابالاستقلال السياسي للعمال، لا بل تستعمل لتفزيع النظام: حتى حزب الاستقلالشارك في الدعوة إلى الإضراب العام سنة 1990 . بقصد ضمان دوام هذهالعلاقة بالنقابة العمالية، المستلزمة دوما احتياطا وضبطا بالغين، عملالاتحاد الاشتراكي لمحاربة تأثير التيارات الراديكالية داخلها بدوس ابسطشروط الديمقراطية: السطوة على أجهزة القرار وقمع حرية التعبير وتعميمالجهل في القاعدة واستعمال الافتراء لإقصاء المعارضين. وان كان تحكمالاتحاد الاشتراكي في النقابة يؤتي أكله سياسيا، فقد كان في الوقت ذاتهمصدرا لضغط قاعدي لا يلائم على الدوام حسابات الحزب. وعلى مر السنين،تغيرت الشروط السياسية ومعها الاتحاد الاشتراكي، مما سيفضي الى حاجة هذاالأخير إلى تغيير علاقته بالنقابة العمالية .
أدت عقود من عملالاتحاد الاشتراكي في مؤسسات الديمقراطية المزيفة، بمبرر كونه سبيلالتغيير، إلى تغيير الحزب نفسه: تشكلت فئة من مناضلي المؤسسات وتعاظموزنها داخل الحزب ونمت مصالح مادية بنهب الجماعات المحلية وبما يوفرهموقعها من علاقات مع رجال الأعمال ورجال السلطة. وكان الوجه الآخر لهذهالسيرورة متمثلا في استئصال التيار الجذري داخل الحزب، وهي عملية توجتبالتواطؤ مع البوليس في مايو 1983 للتخلص من يسار الحزب المتأثربالماركسية والداعي إلى بناء حزب ثوري.
اصطدمت استجداءات الحزب( تعديلات مجهرية لدستور الحكم الفردي وانتخابات اقل تزويرا ) بتمسكالملكية بكامل السلطات وتبخرت أوهام انصياعها (خرافة التوافق). فتجلى عقممسعى الحزب الخائف من أي تعبئة جماهيرية.ومع تعاظم قوة التيارات السلفية،تطور الحزب في اتجاه المزيد من التنازلات والجنوح اليميني . هذا ماأعطى الحزب سيماء واضحة أكثر فأكثر: حزب ليبرالي-اجتماعي يحاول تكييفالإستراتيجية الاشتراكية-الديمقراطية مع الاستبداد السياسي.
ثمجاء انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته، وما صاحبه من انزلاق الأحزابالاشتراكية نحو اليمين ومعها اغلب الأحزاب الستالينية. وتعمق نهج التعاونالطبقي لدى الأحزاب الاشتراكية -الديمقراطية واجتهدت في تطبيق سياساتالرأسمال عالميا، وتراجعت القوى التحررية بالعالم الثالث عن مشروع تنميةمستقلة بعد زوال موازين القوى التي كانت تسمح بمثل تلك الأحلام . هذاهو سياق انعطاف الاتحاد الاشتراكي يمينا، انعطاف متوج بقبول دستور1996الأسوأ من سابقيه، وبعده المشاركة فيما يسمى بحكومة التناوب وهي الصيغةالتي بلورها الملك ووفر شروط نجاحها لتأمين مناخ جيد لخلافته ومواصلةالسياسة النيوليبرالية التي يمليها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي دونهزات اجتماعية .
... الى عبء ثقيل على التوافقات
كانالاتحاد الاشتراكي طيلة 22 سنة يستعمل كدش ، من خلال جهازها الاتحاديبالكامل تقريبا، ليحصر إضرابات العمال في حدود غير مضرة بالاقتصادالرأسمالي التابع ( مصلحة الاقتصاد الوطني المزعوم ) كابحا أي تجذرللنضالات، مع سعي حثيث للحد من نمو التيارات الراديكالية بدوس فظ لأبسطمبادئ الديمقراطية الداخلية، وفي نفس الوقت يستغل النقابة لتحريك الساحةالاجتماعية عند الحاجة وكقاعدة انتخابية من خلال دعوة أجهزتها للتصويت على" القوى التقدمية" ، وانخراط الأموي نفسه ، وباقي الأطر النقابية في حملاتالحزب الانتخابية . علاوة على خرط النقابة في مؤسسات النظام بغية تعزيزها( مجلس حقوق الإنسان ومجلس الحوار الاجتماعي ثلث البرلمان ثم الغرفةالثانية واللجنة الملكية التي وضعت ميثاق التعليم ...) ، كما استعملهالمرافقة تنفيذ السياسات النيوليبرالية التى قرر الحزب ان يكون أداتهابدخوله ما سمي بحكومة التناوب ( توسيع الخوصصة وتقليص النفقات الاجتماعيةوضرب مجانية التعليم (الميثاق) والصحة (مرسوم 30 مارس 1999 ) مدونة الشغل،الخ حيث كانت النقابة تعلن الرفض كلاميا مستنكفة عن أي تعبئة ميدانية منشأنها ان تصد الهجوم او تربك تنفيذه الكامل . لكن حدة الاستغلال وتدهورالأوضاع الاجتماعية يجعل الحزب عرضة لضغوط القاعدة العمالية التي لا تحتملالى ما لا نهاية ، وليس اعتراض البيروقراطية النقابية الكلامي على إجراءاتعديدة وممارسة نوع من المعارضة بمجلس المستشارين والدعوة الى إضراباتقطاعية غير تعبير عن ما تتعرض له من ضغوط تنقلها الى الحزب . وبما انفي جعبة حكومة التناوب (الأصح حكومة الظل التي ليست حكومة اليوسفي غيرقناع لها) مزيدا من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعاديةلأوسع الجماهير الشعبية فان الاتحاد الاشتراكي، العمود الفقري للتناوبالمزيف ، في حاجة الى تخليص نفسه من ضغوط القاعدة العمالية في كدش، ليتمكنمن التصرف بكامل الحرية في تنفيذ ما أوكل إليه بعقد ما يشاء من تحالفات معأحزاب رجعية ومشاركة فيما يشاء من حكومات ائتلافية واتخاذ المواقفالمطابقة لاشتراكية ديمقراطية "حداثية" . انه نفس جوهر السيرورة التيأدت بأحزاب الأممية الاشتراكية إلى تغيير علاقتها بالحركة النقابية فياتجاه تعميق تحولها الاشتراكي-الليبرالي. وقد عبرت الوثيقة السياسيةللمؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي عن إعادة النظر تلك بقولها: " كانالتوجه السائد لدينا يقضي ضمنا آو علنا بالتوازي الشديد بين التحركالنقابي والدينامية السياسية. وكان مفهوما ان العمل النقابي من خلالمعاركه الاجتماعية يعزز موازين القوى على جبهات الصراع السياسي. ولقدتفطنت الأحزاب الاشتراكية، وخاصة التي وصلت الى مواقع السلطة او اقتربتمنها، الى ان هذا التوازي اصبح يشكل عبئا ثقيلا على انتظامية الصراعالسياسي وتوافقاته المرحلية والإستراتيجية بقدر ما يشكل تكبيلا لمتطلباتالتحرك النقابي والاجتماعي ضمن سياقات اقتصادية متبدلة باستمرار". وتضيفنفس الوثيقة: "تراكمات التجربة السياسية وزخم المطالب الاجتماعية التيوجدت النقابة نفسها مطوقة بها أوضحت بجلاء ان وتيرة العمل النقابي لايمكنها ان تتقاطع بالضرورة في كل نقطة وفي كل لحظة مع وتيرة العمل السياسيولذلك فان استمرار التوازي المشار اليه على نفس الصورة وبنفس الطبيعة قديؤدي الى إحدى النتيجتين : اما فرملة العمل النقابي او تكبيل ديناميةالعمل السياسي وكلاهما منزلق يتعين تجنب السقوط في حباله" لا يمكناذن أن تستمر البيروقراطية النقابية الاتحادية رصاصا يثقل أجنحة الحزبالذي يسعى للتحليق بعيدا في خدمة مصالح البرجوازية المحلية والرأسمالالإمبريالي. يستحيل إذن ان تحافظ على وزنها في أجهزة الحزب ناهيك عنتعزيزه كما يحلم الأموي . هذا ما يفسر كون اليوسفي لم يبذل أي جهدحقيقي لتفادي انصراف الأموي وبيروقراطية كدش ، متمسكا بشروطه تمسكا نتجعنه قيام حزب المؤتمر. كان الوجه الآخر لسيرورة تغيير علاقة الاتحادالاشتراكي بالنقابة هو انفتاحه على فئات اجتماعية خارج دائرة القواتالشعبية . اذ بدأ الحزب يتجرأ على مغازلة أرباب العمل وعدل خطابه بما يشجععلى تحسين العلاقة بهم . نظم في سلا في أبريل 1997 لقاء مع أربابالعمل علقت عليه الجريدة الاتحادية بما يلي :" اللقاء كسر الهوة التي حاولالبعض طيلة سنوات جاهدا تعميقها بين المقاولة الوطنية والحزب ... الاتحادلم يكن أبدا ضد القطاع الخاص الوطني كما يروج البعض " .ولتكريس وتعميق هذاالتوجه جاء في الوثيقة السياسية للمؤتمر السادس : سيكون من الضروري مراجعةبعض المسلمات التي حكمت تمثلنا الفكري والسياسي والأيديولوجي للتصنيفاتالطبقية والفئوية للمجتمع المغربي وهو تمثل اثقل ممارستنا السياسيةباكراهات عرقلت إمكانية توسيع وتجميع صف القوى التي تجد موضوعيا فيالمشروع الاشتراكي -الديمقراطي مشروعنا نحن التعبير الأمثل عن حساسيتهاوتطلعاتها . ومن المحقق ان التقدم صوب هذا المنحى سيجعل حزبنا يتحول الىبؤرة أساسية تصهر مطالب وتطلعات كل القوى الاجتماعية ذات النزوعالديمقراطي (...)" يستدعي سعي الاتحاد الاشتراكي الى تغيير علاقتهبالنقابة العمالية، أي التحرر من ضغطها، تحجيم مكانة الجهاز النقابي داخلالحزب نفسه، وبوجه خاص التيار الأكثر إيصالا لضغط القاعدة العمالية أيأنصار الأموي.ولم تكن لدى قيادة الاتحاد الاشتراكي أي نية في نزع مقاليدالنقابة من أيدي هذا التيار، بل فقط إبعاد تأثيره على الحزب. فتركت تلكالقيادة الأموي ينظم المؤتمر الرابع للكونفدرالية بالعيون وفق مشيئتهوبحضور اليوسفي حضورا اعتبره من من دواعي اعتزازه. لكن أن يظل للتيارالنقابي نفس الثقل داخل الحزب ، فذاك ما لم تقبله قيادة الاتحاد الاشتراكيمفضلة بتر جناح حزبي لقاء التحرر من عرقلته للسير على الخط الجديد. فكانابعاد تيار الاموي في المؤتمر السادس للحزب، ثم التغاضي طيلة شهور عنعروضه الساعية الى ايجاد حل يبقي الجميع داخل نفس الحزب. كانت نية الاتحادالاشتراكي الا يغادر الكونفدرالية وفي نفس الوقت أن يغير علاقته القديمةبها : رفض ان تكون النقابة العمالية جسما متداخلا مع الحزب يربك حركتهويوصل اليه ضغط القاعدة العمالية المستاءة . من اجل هذا سعى الاتحادالاشتراكي الى بناء قوة داخل النقابة تحد من اندفاعها وتحول مضمونها مننقابة تعاون طبقي مرفوق بالضغط الى نقابة تعاون طبقي 100% (النقابةالاقتراحية). هكذا نظم يومي 20 و21 ابريل 2002 ندوة حول المسألةالنقابية أكدت عزم الحزب على فك ارتباط النقابة به، دون شقها (نفي اليازغيفي كلمة توجيهية نية إنشاء نقابة جديدة بديلة عن كدش). ونص بيان الندوة فينقطته الأخيرة على وجوب إعادة توحيد قطاع الفوسفاط في إطار الكونفدرالية.(علق الكافوني انتماء نقابته لكدش في فبراير 99 واسس نقابة خارجها في مارس2000) و خصصت جريدة الاتحاد الاشتراكي ملف عددها الأسبوعي (28 ابريل2002 ) للمسألة النقابية تحت عنوان " أي دور للنقابة اليوم ؟" .اعيد فيهنشر مقال صدر قبل أربعة ايام في" الأحداث المغربية" بقلم جمال هاشم بعنوانثقافتنا النقابية الجديدة . جاء فيه:" اهم ما ترتكز عليه الثقافةالنقابية الجديدة هو احترام خصوصية حقل الممارسة النقابية وعدم التعامل معالنقابات كمجرد ملاحق للحزب لا سلطة لها على قراراتها ، فاذا كانت المرحلةالسابقة قد تميزت بهيمنة الحزبي على النقابي نظرا لطبيعة المرحلة وطبيعةالصراع ... فان تطور الأوضاع السياسية وتراكم التجربة النقابية فرض علىالجميع الدعوة الى " فك الارتباط" بين الحزب والنقابة خدمة لهما معا (وتجربة المشاركة في الحكومة تبرز أهمية هذه الاستقلالية ) " طردواالأموي من الحزب فطردهم من النقابة، بعد ان عملوا على عرقلة سيرها وفقتوجيهات أصدقاء الأموي ( تحول أصدقاء اليوسفي الى كاسري الإضرابات التيتدعو اليها الكونفدرالية اضراب عام ). ولم يكن بد من انفجار الصراع، بفعلتقاليد إعدام الديمقراطية. فكانت كل اساليب التحجيم والإبعاد من التنظيمالنقابي المستعملة ضد المناضلين العماليين الجذريين - مثال ناشطي نقابةالتعليم بأسفي ونقابتي البحارة والنقل الحضري باكادير - مجرد تمريناتأولية قياسا على الوسائل التي سيستعملها الطرفان الاتحاديان ضد بعضهم. انفجرالصراع بعنف غير مسبوق، الطرد المتبادل ، حرب للاستيلاء على مقراتالنقابة، حملة إعلامية شعواء، فضح متبادل اخرج الى العموم ما كان طيالكتمان طيلة عقود، تراشق بالاتهامات حول اختلاس مالية النقابة ، وصنعالأجهزة، و شراء الذمم وما لا يخطر على بال. لم يبق للاتحادييناليوسفيين غير صنع بديل عن البديل التاريخي ( هذا النعت الأخير هو ماطلقوه على كدش لحظة تأسيسها)، وبعد سيرورة من الانسحابات والتنسيقات اعلنعن تأسيس الفيدرالية الديمقراطية للشغل في ابريل 2003، بعد أن كان اليوسفيقد أعطى اشارة تغيير الاتجاه في اجتماع اللجنة النقابية لحزبه قائلا: "كما ينبغي ان يكون تاريخ 27 شتنبر 2002 نقطة تحول المسيرة النقابية نحو مقاربة اخرى" جاءبيان التأسيس ناطقا باسم الاتحاد الاشتراكي اذ نقل رؤيته للوضع السياسينقلا حرفيا: " يسجل المؤتمر أهمية أوراش الإصلاح المفتوحة في المجالاتالسياسية والاقتصادية والاجتماعية الا انه يعتبر التراجعات التي وقعت بعدانتخابات 27 شتنبر 2002 لا تنسجم ومسار الإصلاح. ويرى المؤتمر ضرورةاعتماد المنهجية الديمقراطية لتحصين بلادنا ضد كل المنزلقات والإخطار". علىهذا النحو ُتحرف النقابة من كونها أداة دفاع العمال عن أفضل شروط لبيع قوةعملهم الى خدمة مشروع حزب برجوازي بحكومة غير ديمقراطية تنسق الهجومالنيوليبرالي على العمال.
أين كان الراديكاليون؟
كان نشوبالصراع بين جناحي الاتحاديين، والأزمة المترتبة عنه في الكونفدراليةالديمقراطية للشغل فرصة لإطلاق نقاش في قاعدة النقابة حول أسباب الأزمة:التبقرط من جهة وأخطار تبعية النقابة العمالية لحزب ليبرالي من جهة ثانية، و فرصة للتعريف بآسس الديمقراطية داخل المنظمات الشعبية. بدل هذا كلهابان القسم الأكبر من الراديكاليين عن قصور خطير اذ تهافت على المقاعدبالأجهزة الوطنية والمحلية مزيحا أي اعتبار مبدئي. اعطى ذلك عنالراديكاليين صورة جماعة لا تنتقد سوى لحرمانها من المناصب. هذا ما جعلمحاولة الماركسيين الثوريين فتح النقاش، من خلال مبادرة "الملتقى النقابيالديمقراطي"، صيحة في صحراء قاعدة مشمئزة ونافرة من تقاتل قادتها ويسار لميعد يهمه غير كراسي الهيئات القيادية. لم يكن موقف غالبية اليسارالجذري إبان الهزة التي عصفت بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، غير إحدىتجليات افتقاره الى خط نضال داخل النقابات، خط يقدم إجابات على أمهاتمسائل الكفاح العمالي، من مطالب وإشكال نضال، خط يقارع به التياراتالإصلاحية لفتح طريق ارتقاء وعي العمال الى مستواه الاشتراكي الثوري. | |
|