التعديلات المقترحة من طرف النقابة الوطنية للعدل (ك د ش) على مشروع قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائيتقـــديم:
أصبح تحديث التنظيم القضائي للمملكة يفرض نفسه لاعتبارات متعددة تهم أساسا:
التغييرات المتتالية التي أعقبت التنظيم القضائي لسنة 1974 والتي أفقدته الانسجام المطلوب،
المتغيرات على المستوى الوطني (التعديل الدستوري)،
المتغيرات على مستوى بنية المحاكم ومواردها البشرية،
المتغيرات على المستوى الاداري واعتماد التنظيم الجهوي….
وبالتالي، فصياغة وتطبيق أي تنظيم قضائي جديد يجب أن يستحضر المقتضيات الدستورية وأن يأخذ بعين الاعتبار كل التراكمات التي حصلت على مدى عقود من الزمن إن على مستوى تطبيق التنظيم القضائي السابق أو التطور الذي عرفته مختلف مكونات منظومة العدالة وعلى رأسها هيئة كتابة الضبط. فبحكم موقعها في المنظومة والعملية القضائية والإدارية، تمارس كتابة الضبط مهاما مختلفة ومتنوعة (حفظ الملفات والوثائق، إجراءات الجلسة، إجراءات التحقيق والخبرة، إجراءات التبليغ والتنفيذ، إجراءات صعوبات المقاولة، مسك الحسابات، حضور الجلسات، مسك السجل التجاري، ضبط بعض الإجراءات الخاصة بالمهن الحرة، التدبير الإداري والمالي للمحاكم…).
إن هذا الدور الرئيسي والمحوري لكتابة الضبط في المنظومة القضائية، والأطر والكفاءات والتخصصات التي أصبحت تزخر بها مضافا اليه عدد موظفي هيئة كتابة الضبط الذي يفوق 14300 موظف منهم أكثر من 5000 موظف حاصل على الاجازة فما فوق، في مقابل 4060 قاضي يفرض:
1- توسيع مجال اختصاص موظفي هيئة كتابة الضبط ليشمل المهام الشبه قضائية.
2- تنظيم وهيكلة كتابة الضبط بخلق أقسام ومصالح داخل كل محكمة وفصل السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية في إطار من التعاون.
3- تحمل المسؤولية: إن سيادة منطق السخرة والتبعية وغياب تقسيم للمهام وتنظيم لها داخل المحاكم يجعل كل موظف مسؤولا على كل شيء وغير مسؤول على أي شيء. هذا الوضع يفرض تحديد المسؤوليات داخل المحاكم ورسم حدود تدخل كل طرف على حدة لضمان ربطها بالمحاسبة.
لقد شكل اقصاء هيئة كتابة الضبط من الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة اشارة واضحة الى الموقع الذي سيخصص لها ضمن منظومة العدالة بالرغم من دورها المحوري والموارد البشرية التي تزخر بها.
وقد عملنا كنقابة وطنية للعدل منضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالرغم من هذا الاقصاء على بسط وجهة نظرنا حول إصلاح منظومة العدالة في سياق دفاعنا المستميت عن ضرورة اصلاح حقيقي لمنظومة العدالة واعطاء هيئة كتابة الضبط الموقع الطبيعي الذي تحتله في العملية القضائية، وذلك من خلال مجموعة من الندوات التي تم تنظيمها لذات الغرض.
وبعدما تأكد بالملموس أن اشتغال الوزارة والهيئات المسيرة للحوار الوطني قد أفرغت الحوار من مضمونه وحولته الى ما يشبه جلسات استماع دون الاخذ بعين الاعتبار لمقترحاتنا، قاطعنا كنقابة وطنية للعدل أشغال الندوة المخصصة لمسودة مشروع القانون الجنائي، وهو ما ردت عليه وزارة العدل والحريات بفرض حصار علينا والغاء جلسة للحوار القطاعي كانت مبرمجة قبل تاريخ المقاطعة مما يبين طبيعة الحوار الذي تسلكه الوزارة والذي يبقى الشكل فيه هو المهم وليس المضمون.
وبغض النظر عن شكليات انتاج مشروع قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي، فقد شكل هذا الأخير خطوة كبيرة في اتجاه:
1- الارتقاء بالقضاء إلى سلطة قضائية مستقلة،
2- إعادة النظر في تضخم وعقلنة الخريطة القضائية،
3- تقريب القضاء من المتقاضين وتعميم القضاء المتخصص،
4- جمع شتات القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي في وثيقة واحدة، عبر دمج الأحكام المتعلقة بتنظيم قضاء القرب، والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية، والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية في صلب مشروع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي،
5- تجميع الإجراءات وتفادي التسجيلات المكررة عبر وحدة كتابة الضبط…
إلا أنه وللأسف، يسجل على مشروع التنظيم القضائي عدد كبير من النقائص تصل بالمشروع حد التعارض مع المقتضيات الدستورية والتجارب الديمقراطية المتقدمة فيما يخص:
التعامل بانتقائية مع الدستور (فصل السلط، ترسيم الأمازيغية، ربط المسؤولية بالمحاسبة…)،
التعامل بانتقائية مع مخرجات الحوار الوطني حول اصلاح منظومة العدالة وخلاصات التقرير التركيبي حول أشغال الندوة الجهوية الاولى بالرباط تحت عنوان “تطوير التنظيم القضائي ورفع النجاعة القضائية وتسهيل الولوج الى القانون والعدالة”، بل انه يمكن القول أن مشروع التنظيم القضائي جاء بتصور مناقض حيث جاء في خلاصات التقرير التركيبي حول أشغال الندوة الجهوية الاولى بالرباط تحت عنوان “تطوير التنظيم القضائي ورفع النجاعة القضائية وتسهيل الولوج الى القانون والعدالة” بخصوص التنظيم القضائي ما يلي: استكمال الهرم القضائي الاداري بإحداث المحكمة الادارية العليا (مجلس الدولة) كأعلى هيئة قضائية ادارية بعد ان تم احداث محاكم استئناف ادارية، احداث محكمة التنازع (للفصل في تنازع الاختصاص ما بين المحاكم العادية والمحاكم الادارية)، احداث قضاء للأعمال تكريسا لمبدأ التخصص…، وعلى مستوى تطوير التدبير الاداري للمحاكم: احداث جمعية عامة للموظفين يرفع تقرير بأشغالها الى رئيس المحكمة الذي يعرضه على الجمعية العامة للمحكمة، اعادة هيكلة كتابة الضبط…).
حقق القضاء المغربي طفرة في نوعية الأحكام وتشجيع الاستثمار جراء خلق المحاكم الادارية والتجارية، ومن شأن التراجع عن هاته التجربة، بدل تعميمها وتقريبها من المواطنين، أن يشكل تراجعا خطيرا على هذا المستوى ويهدد ما تمت مراكمته،
3- جعل كتابة الضبط تحت رحمة السلطة القضائية من خلال التركيز على انضباط الموظفين والكاتب العام للمحكمة لسلطة ومراقبة المسؤولين القضائيين بالمحكمة التي يعملون بها، في مقابل حصر دور وزارة العدل في الاشراف على التسيير الاداري والمالي للمحاكم.
4- تهميش اختصاصات كتابة الضبط ومختلف الطاقات التي تزخر بها، واختزال دور هيئة كتابة الضبط التي تشكل ما يقارب 80 في المائة من الموارد البشرية في المساعدة وفاء للنهج الاقصائي للهيئة في تراجع حتى عن التنظيم القضائي لسنة 1974.
5- إفراغ مؤسسة كتابة الضبط من محتواها وتوجيه دورها إلى السخرة من خلال فرض كاتب عام للمحكمة يرتبط التنصيص عليه بدور المقرر في مكتب ولجنة المحكمة.
6- تغييب دور الموظفين في المحكمة من خلال عدم تبني جمعية عمومية خاصة بالموظفين.
7- إخضاع كتابة الضبط لتفتيش قضائي في ضرب تام لمبدأ استقلال السلط .
8- تغييب التفتيش التسلسلي لكتابة الضبط كأحد أسس الفعالية والنجاعة القضائية والإدارية …
إن تصور وتبني تنظيم قضائي منسجم مع المقتضيات الدستورية القائمة على مبدأ الاستقلالية والتعاون بين السلط مع تنظيم الاختصاصات لربط المسؤولية بالمحاسبة، ويستهدف النجاعة والفعالية القضائية والإدارية يقتضي إدخال مجموعة من التعديلات على مشروع التنظيم القضائي والمتلخصة أساسا في :
http://snjustice.com/2016/12/07/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b7%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%82%d8%a7%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88/